وشاور المأمون يحيى بنَ أكثم، فكانَ الرأيُ مُخالِفاً لِهوى المأمون، فقال يحيى: ما أحدٌ بالغَ في نصيحةِ المُلوك إلا اسْتَغَشّوه، قال: ولِمَ يا يحيى؟ قال: لِصَرْفِه لهمْ عمّا يُحبُّونَ إلى ما لعلَّهم يَكرهون في الوقت! والهوى إلهٌ مَعْبود!
[وصف غاش في نصحه]
من أمثالهم في الذي ينصح القومَ وهو غاشٌّ: أنْتَ شَوْلةُ الناصِحةُ
قال ابن السِّكيت: كانتْ شوْلَةُ أمةً رَعْناءَ تنصحُ لمَواليها فتعودُ نصيحتُها وبالاً عليهم، لحُمْقِها.
وقال معاوية يوماً لعمرِو بنِ العاص: هل غَشَشْتَني مُذ اسْتَنْصَحْتُك؟ قال: لا، فقال: ولا يومَ أشرْتَ عليَّ بمبارزةِ عليّ وأنْتَ تعلمُ مَنْ هو؟ فقال: كيفَ وقدْ دعاكَ رجلٌ عظيمُ الخَطرِ كنت من مُبارزتِه إلى إحْدى الحُسْنَيَيْن!! إنْ قتلتَه فُزْتَ بالمُلكِ وازْدَدْتَ شرفاً إلى شرفٍ، وإنْ قتلَك تَعجَّلْتَ من اللهِ تعالى ملاقاةَ الشهداءِ والصَّدِّيقين! فقال: وهذه أشدُّ من الأولى! فقال: أوَ كُنْتَ مِنْ جِهادِك في شكٍّ؟ فقال: دَعْني من هذا. . .