قامَتْ تُشَجِّعُني هِنْدٌ فقُلْتُ لَها: ... إنّ الشَّجاعةَ مَقْرونٌ بِها العَطَبُ
لا والّذي مَنَعَ الأبْصارَ رؤيتَه ... ما يَشْتهي المَوْتَ عِنْدي مَنْ لَهُ أرَبُ
لِلْحَرْبِ قومٌ أضَلَّ اللهُ سَعْيَهمُ ... إذا دَعَتْهُمْ إلى نيرانِها وَثبوا
ولَسْتُ مِنْهم ولا أهْوى فِعالَهُمُ ... لا القَتلُ يُعْجِبني مِنْها ولا السَّلَبُ
وجاء في كليلة ودمنة: إنّ الحازمَ يكرهُ القِتالَ ما وجد بُدّاً منه، لأنّ النفقةَ فيه من الأنْفسِ والنفقةَ في غيره من المال. وفي هذا المعنى يقول أبو تمام:
كَمْ بينَ قَوْمٍ إنّما نَفَقاتُهم ... مالٌ وقَوْمٍ يُنْفِقون نُفوسا
المتخلفُ عن قومه
قالوا: الشُّجاعُ يقاتلُ مَنْ لا يَعْرفُه، والجبانُ يَفِرُّ من عِرْسِه، والجوادُ يُعطي مَنْ لا يسأله،
والبخيل يَمْنعُ مِنْ نفسِه. وقال الشاعر:
يَفِرُّ جَبانُ القومِ عَنْ أمِّ نفسِه ... ويَحْمي شُجاعُ القومِ مَنْ لا يُناسِبُهْ
ويُرْزقُ مَعْروفَ الجوادِ عَدُوُّه ... ويُحْرمُ مَعْروفَ البَخيلِ أقارِبُهْ
وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه يعيِّر الحارثَ بن هشام حين فَرَّ يوم بدر:
إنْ كُنْتِ كاذِبةَ الّذي حَدَّثْتِني ... فَنَجَوْتِ مَنْجى الحارِثِ بنِ هِشامِ
تَرَكَ الأحِبَّةَ أنْ يُقاتِلَ دونَهم ... ونَجا بِرأسِ طِمِرَّةٍ ولِجامِ
مَلأتْ بهِ الفَرْجَيْنِ فارْمَدَّتْ بهِ ... وثَوى أحِبّتُه بِشَرِّ مُقامٍ
الطِّمِرّة: الفرسُ الكثيرُ الجري، والفَرْجان: ما بين يديها ورِجْلَيْها وملأتهما: ملأتهما جَرْياً.
وارمدَّت: أسرعت، وثوى: أقام