عمرُ رضي الله عنه بمملوكٍ يرعى غنماً، فقال: أتبيعني مِنها شاةً؟ قال: ليست لي، قال: فأين العِلَلُ؟ قال: فأين الله: فاشتراه عمرُ وأعتقَه، فقال المملوكُ: اللَّهمَّ قد رزقتني العِتقَ الأصْغرَ فارزقني العِتقَ الأكبرَ، أعوذُ بك من قلبٍ غائبٍ عنك. . . وقال السّريُّ السّقطي: بتصحيحِ الضَّمائر تُغتفرُ الكبائرُ؛ وفي الأثر: تعرّف إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّة أي تعرَّف إليه في الرخاءِ بالشُّكر وذكرِ الآلاءِ يَعْرِفْك في الشِّدَّة بالعِصْمة. . وقال بعض المتصوّفة: إنّ اللهَ لا يشغلُه عنك شيءٌ فإن استطعت أن لا يشغلَك عنه شيءٌ فافْعَلْ. . .
احتمال المكاره في العاجل رجاء المسارّ في الآجل
ومن جوامع الكَلِمِ في ذلك قول سيّدنا رسول الله:(حُفَّت الجنةُ بالمكارهِ وحُفّت النارُ بالشهوات) حفّت: أحيطت، والمكاره جمع مَكْرُهة وهي: ما يكرهه المرءُ ويشقُّ عليه، والشهوات: كل ما يوافق النفسَ وتصبو إليه. قال الإمام القرطبي: أصل الحَفّ: الدائرُ بالشيء المحيطُ به الذي لا يُتوصَّل إليه إلا بعد أن يُتَخطّى، فمثّل المصطفى المكارهَ والشهواتِ بذلك، فالجنّة لا تُنالُ إلا بقطع مفاوزِ المكارهِ والصبرِ عليها، والنارُ لا يُنْجى منها إلا بفطمِ النفسِ عن مطلوباتها، وقال ابن حجر: هذا من جوامعِ كلمِ المصطفى وبديعِ بلاغتِه في ذمِّ الشهوات وإن مالت إليها النفوس، والحثّ على الطاعات وإن كرهتها وشقَّت عليها ولما تاب بعضُ الصوفيّة كان لا يَتَهنّأ بطعامٍ ولا شرابٍ فقالت له أمُّه: ارْفِقْ بنفسِك، فقال: الرِّفْقَ أطلبُ لها. . . وهذا كقول الربيع بن خُثَيم وقد صلى طولَ ليلته حتى أصبحَ
وقال له رجل: أتْعَبْتَ نفسَك فقال: راحتَها أطلب. . .