للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معاويةَ رضيَ اللهُ عنْهُ أنه قال: لوْ أنَّ بيني وبينَ الناسِ شعرةً يَمُدّونَها وأمُدُّها ما انْقَطَعَتْ، قيل: وكيف ذلك؟ قال: كنت إذا أرْخَوْها مَدَدْتُ، وإذا مدّوها أرْخيت، فالصحيح في هذا المثل، فهِنْ بالكسر، من قولهم: هانَ يَهين: إذا صار هيِّناً ليِّناً، كقوله:

هَيْنونَ لَيْنونَ أيْسارٌ ذَوو كَرَمٍ ... سُوّاسُ مَكْرُمةٍ أبْناءُ أطْهارِ

وإذا قالوا: فهُنْ فَهْو مِنَ الهوان، والعَربُ لا تأمُرُ بِذلك، لأنّهم أعِزّةٌ أبّاؤون للضّيم.

وقال ابن سِيدَه: وعِندي أنّ الذي قاله ثعلب صحيحٌ لقولِ ابْنِ الأحْمر - شاعر إسلامي -:

وقارِعةٍ مِنَ الأيّامِ لَوْلا ... سَبيلُهُمُ لَزاحَتْ عنكَ حينا

دَبَبْتُ لَها الضَّراَء وقُلْتُ: أبْقى ... إذا عزَّ ابْنُ عَمِّك أنْ تَهونا

[المتبجح بإظهار الليان وإضمار العداوة]

قال المتنبي:

وجاهِلٍ مَدَّه في جَهْلِه ضَحِكي ... حتّى أتَتْه يَدٌ فَرّاسةٌ وفَمُ

إذا نَظَرْتَ نُيوبَ اللَّيْثِ بارِزةً ... فلا تَظنّنَّ أنَّ اللّيثَ مُبْتَسِمُ

مدَّه: أمهله وطوّل له، وأصل الفَرْس: دقُّ العُنق يقول: ربَّ جاهلٍ خدعتْه مُجاملتي وتركَه في حُمْقِه ضَحكي منه حتّى افترسْتُه وبَطَشْتُ به بعد زمانٍ يعني أنه يغضي عن الجاهِلِ ويَحْلُمُ إلى أن يُجازيَه ويَعْصِفَ به، ثم قال في