للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدّثَ المبرِّد قال: دخلت على الجاحظِ في آخر أيّامه فقلت له: كيف أنت؟ فقال: كيف يكون من نِصْفُه مَفلوج لو حُزَّ بالمناشيرِ ما شَعَرَ به، ونِصْفُه الآخرُ مُنَقْرَس لو طار الذُّبابُ بِقُرْبِه لآلمَه، وأشدُّ من ذلك سِتٌّ وتِسعون سنةً أنا فيها، ثم أنشدنا:

أتَرْجو أنْ تكونَ وأنْتَ شيخٌ ... كما قدْ كُنْتَ أيَّامَ الشبابِ

لقدْ كَذَبَتْكَ نَفْسُك، ليْسَ ثوبٌ ... دَريسٌ كَالجديدِ مِنَ الثيابِ

دريس: بالٍ

وقيل لآخر ما تشكو؟ فقال: تمامُ العِدِّة وانْقضاءُ المُدّة. . . وقال بعضهم لمن يشكو: أتشكو

مَنْ يَرْحمُك إلى مَنْ لا يَرْحَمُك! وقيل لسعيدِ بنِ عمرِو بنِ سعيدِ بنِ العاص وهْوَ مريض: إنّ المريضَ يتفرَّجُ إلى الأنينِ وإلى أن يصفَ ما بهِ إلى الطبيب، فقال: أمّا الأنينُ فوَ اللهِ إنّه لجزع ولا يَسْمعُ اللهُ مِنّي أنيناً فأكونَ عِنده جزوعاً، وأمّا الطبيبُ فَوَ اللهِ لا يَحْكمُ غيرُ اللهِ في نفسي، فإنْ شاءَ قبَضَها إليه وإنْ شاءَ منَّ بها عليَّ. . . . .

[فضل الصحة والعافية]

قالوا: شيئان لا يعرف فضلَهما إلا من فَقدَهما: الشّبابُ والعافية. وقالوا: لا يعرف طعمَ العافية إلا من نالَتْهُ يدُ العِلّة، ولا طعمَ الرخاءِ إلا مَنْ مَسَّته يدُ البلاء.