ما ترك أحداً منكم حتّى سأله. . وقال المازنيّ: وقف علينا أعرابيٌّ فقال: رحم الله امرءاً لم تَمْجُجْ أذناه كلامي، وقدّم لنفسِه مَعاذاً مِنْ سوء مقامي، فإنّ البلاد مُجْدبة والحال مُصْعبةٌ والحياء زاجرٌ يمنع من كلامكم، والعُدْم عاذرٌ يدعو إلى إخباركم، والدُّعاء أحد الصدقتين، فرحم الله امرءاً أمر بميرٍ ودعا بخير. فقال له رجل من القوم: ممّن الرجل؟ فقال: اللهم غَفْراً ممن لا تضرّك جهالته، ولا تنفعك معرفته، ذلُّ الاكتساب، يمنع من عزّ الانتساب.
[حسن الخلق]
وعبقرياتهم فيه وفيما يتأشّب إليه
وهذا هو أحد لوني الإحسان إلى الناس، وإن شئت قلت هو اللون الثالث من ألوان البِرّ، أعني حُسنَ الخلق.
[تحضيضهم على حسن الخلق]
قال الله عز وجل:{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. وقال:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}. {خُذِ الْعَفْوَ}: فالعفو: السهل الميسّر، يقول سبحانه: احتمل أخلاق الناس واقبل ما سَهُل منها وتيسّر، ولا تستقصِ عليهم فيستقصي الله عليك، مع ما فيه من العداوة والبغضاء قال شُرَيْح:
خُذِي العفْوَ مِنِّي تستديمي مودّتي ... ولا تَنطِقي في سَوْرَتي حين أغْضَبُ