فإني رأيتُ الحُبَّ في الصَّدْرِ والأذى ... إذا اجْتَمَعا لم يَلْبَثِ الحبُّ يَذْهَبُ
وقوله سبحانه وتعالى:{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}: فالجهل هنا ما قابل العقل والجاهلون: الحمقى الأشرار السيّئو الأخلاق، أمر الله نبيه بأن لا يماري الجاهلين ولا يكافئهم بمثل أفعالهم.
وقال سيدنا رسول الله:(إنكم لن تَسعوا الناسَ بأموالِكم فسَعوهم بأخلاقكم). ومن ذا قولُ حكيم وقد قيل له: هل من جودٍ يُتناول به الخَلْقُ؟ فقال: نعم، أن تحسن الخُلُقَ وتنوي الخيرَ لكل أحد. . . وقال صلوات الله عليه:(ألا أخبركم بأحبّكم إليّ وأقربكم مني مجالسَ يوم القيامة!: أحاسنكم أخلاقاً الموطَّؤون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون، ألا أخبركم بأبغضكم إليّ وأبعدكم مني مجالسَ يوم القيامة! الثّرثارون المتفيهقون). . . قوله: أحاسنكم أخلاقاً يريد: الأحاسنَ منكم على إرادة التفضيل لا الوصف، وذلك أن العرب تقول في الوصف: رجلٌ حَسنٌ ولم تقل رجلٌ أحسن، مع قولهم امرأة حسناء. ونظيره في عكسه: غلامٌ أمردُ ولم يقولوا جارية مرداء. وقوله: الموطؤون أكنافاً: يريد دماثة الخُلق ولينَ الجانبِ وأن ناحيته يتمكّن فيها صاحبه غير مؤذًى ولا نابٍ به موضعُه. وأصل التوطئة: التذليل والتمهيد يقال: فراشٌ وطيءٌ إذا كان وثيراً - أي ليّناً - والثرثارون: الذين يكثرون الكلامَ تكلّفاً وتجاوُزاً وخروجاً عن الحق، وأصل هذه اللفظة من العينِ الواسعة من عيون الماء يقال: عينٌ ثَرْثارة وثَرّارة: إذا كانت كثيرةَ الماء. . . والمتفيهقون: بسبيل من الثرثارون وهو تأسيس له، واشتقاقه من قولهم: فَهِقَ الغَديرُ يَفْهَقُ: إذا امتلأ ماءً فلم يكن فيه موضعٌ مزبدٌ: يصفهم