ولما أوفد المهلَّب بن أبي صفرة كَعْبَ بن مَعْدان الأشقريّ حين هزم عبدَ ربّه الأصغرَ وأجلى قَطَرِيَّ بن الفُجاءة حتّى أخرجه من كِرْمانَ نحو أرض خُراسان إلى الحجّاج بن يوسف، قال له الحجاج: كيف كانت محاربةُ المهلَّب للقوم؟ قال: كان إذا وجد الفرصةَ سار كما يَسور الليث، وإذا دَهَمَتْه الطَّخْمةُ راغَ كما يروغ الثعلب، وإذا مادَه القومُ صبَرَ صبْرَ الدّهر. قال: وكيف كان فيكم؟ قال: كان لنا منه إشفاقُ الوالد الحَدْبِ وله منّا طاعةُ الولد البَرّ. قال: وكيف أفلتكم قطري؟ قال: كادَنا ببعضٍ ما كِدْناه به، والأجلُ أحْصنُ جُنَّةً وأنفَذُ عُدَّةً. قال فكيف اتَّبعتم عبدَ ربّه وتركتموه؟ قال آثَرْنا الحَدَّ على الفلِّ، وكانت سلامةُ الجندِ أحبَّ إلينا من شَجْبِ العدو. فقال له الحجاج: أكُنْتَ أعْدَدْتَ هذا الجوابَ قبل لقائي؟ قال: لا يعلم الغيبَ إلا اللهُ. . . . .
[حثهم على التفكير قبل التقدم]
قالوا: من قاتل بغير نَجْدةٍ، وخاصم بغير حُجَّةٍ، وصارع بغير قوّةٍ فقد أعظَمَ الخَطر، وأكبر الغَرَر. . . الغرر: الخطر