ما حرّم اللهُ وأداءُ ما افترض اللهُ، فمن رزق خيراً بعد ذلك فهو خيرٌ. . . وقال رجل لحكيم: أوصِني. فقال: إن استطعت أن لا تُسيءَ إلى من تحبُّ فافعل، فقال: وهل يسيءُ المرءُ إلى من يحبُّ؟ قال: نعم، نفسُك إنْ عصيتَ الله.
[التقوى مع الجهل]
قال الحسن البصري: أدركتُ قوماً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: من عملَ بغيرِ علمٍ كان ما يفسدُه أكثرَ ممّا يصلحُه. . . وقال أيضاً: قصَمَ ظهري عالمٌ لا زُهْدَ معه، وزاهِدٌ لا عِلْمَ مَعَه، هذا يدعو إلى جَهْلِه بِزُهدِه، وهذا يُنَفِّر عن عِلمِه بِحِرْصِه. وقيل لأنوشروان: أيُّ الناس أولاهم بالسعادة؟ فقال: أقلُّهم ذنوباً، قيل: ومن أقلُّهم ذنوباً؟ قال: أكملُهم عَقلاً. . . وسيّد الكلام في هذا المعنى قوله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}، وقد تقدّم آنفاً. وفي الأثر: يكون في آخرِ الزَّمان قرّاءٌ فَسقةٌ وعُبّادٌ جَهَلة، وركعةٌ من عالِمٍ أفضلُ من سبعين ركعةً من عابدٍ لا عِلْمَ معه.
[التماوت والإفراط في الخشوع]
والأصلُ في هذا المعنى قولُه صلى الله عليه وسلم لرجلٍ جدَّ في العبادة حتّى غارت عيناه:(إن هذا الدينَ متينٌ، فأوْغل فيه برِفق، ولا تُبغِّض إلى نفسك عبادةَ ربّك، فإنّ المُنْبَتَّ لا أرضاً قطعَ ولا ظهراً أبقى، ولن يُشادَّ هذا الدينَ أحدٌ إلا غلبه). . . متين: أي شديد، من متن متانة: اشتد وقوي، قال تعالى:{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}، وقوله: فأوغل فيه برفق: أي ادخل، وأصل الإيغال: الإمعان في السير والإبعاد فيه يقول: سرْ في الدين برفق ولا تحْمِل