للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعلت: يريد النفسَ أو الروحَ وإن لم يتقدم لذلك ذكر، واللهوات جمع لَهاة وهي: لحمة حمراء في الحنك معلَّقة على عَكدَة اللسان، وقال أبو العتاهية:

أطِعِ اللهَ بجُهْدِكْ ... عامِداً أو دُونَ جُهْدِكْ

أعْطِ مَولاكَ كما تَطْ ... لبُ مِنْ طاعَةِ عَبْدِكْ

وقال بعض المتصوّفة: من كان مع اللهِ فقَدْ هلك، وإنّما نَجا من كان اللهُ مَعَه، وقال رجلٌ للشّبلي: متى يقرُبُ العبدُ من ربّه؟ فزعق ثم أنشد:

مَنْ لم يكُنْ للوصالِ أهْلاً ... فكلُّ إحسانِه ذنوبُ

وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى ابنه عبد الله في غيبةٍ غابها: أما بعد، فإنّه من اتقى اللهَ وقاه، ومن توكَّل عليه كفاه، ومن شكَرَه زادَه، ومن أقرضَه جزاه، فاجعلِ التقوى جلاءَ بصرك، وعمادَ ظهرك، فإنّه لا عملَ لمن لا نِيّةَ له، ولا أجرَ لمن لا حسنة له، ولا جديدَ لمن لا خَلَقَ له. . .

قوله: ومن شكره زاده: فسيمرّ عليك قريباً معنى الشكر، وقوله: ومن أقرضه جزاه، فالقرض في الأصل: ما يعطيه الرجلُ أو يفعله ليُجازى عليه، ولما كان الله سبحانه لا يستقرض مِنْ عوزٍ فقد قالوا في مثل قوله تعالى: {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً}، و: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ}: إنّ القرض معناه الفعلُ الحسن من إتباع أمر الله وطاعته، والعرب تقول لكل من فعل إليه خيراً: قد أحسنت قرضي وقد أقرضتني قرضاً حسناً، وفي الحديث: (أقرِضْ من عِرضِك ليوم فقرك). . . يقول صلوات الله عليه: (إذا نال عرضَك رجلٌ فلا تُجازِه، ولكن استَبْقِ أجرَه مُوفَّراً لك قرضاً في ذمّته لتأخذَه منه يومَ حاجتك إليه). . . وقال عمر بن عبد العزيز: ليست التقوى قيامَ الليل ولا صيامَ النهار والتخليط فيما بين ذلك، ولكن التقوى تركُ