للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الأعشى في أبياته التي مدح بها سيّدَنا رسولَ الله:

أَجِدَّكَ لم تَسمَعْ وَصاةَ مُحَمَّدٍ ... نبيِّ الإلهِ حيثُ أوْصَى وأشْهدَا

إذا أنْتَ لم تَرْحَلْ بزادٍ من التُّقى ... ولاقَيْتَ بعدَ الموتِ مَنْ قد تَزَوَّدا

نَدِمْتَ على أنْ لا تكونَ مكانَه ... فَتُرْصِدَ للموتِ الذي كانَ أرْصَدا

قوله: أجِدَّك قال سيبويه: هو مصدرٌ كأنّه قال. أجِدّاً منك، ولكنّه لا يُستعمل إلا مضافاً، وقال الأصمعي: أجِدّك، معناه: أبجدٍّ هذا منك ونصبها بطرح الباء، وقال الليث: من قال: أجِدَّك بكسر الجيم فإنّه يستحلفه بجِدِّه وحقيقته، وإذا فتح الجيم استحلفه بجَدِّه، وهو بختُه تقول: أجِدَّك لا تفعل كذا، وأجَدَّك لا نفعل كذا. وأرصد: أعدّ وقال لبيد:

إنَّ تَقْوَى رَبِّنا خَيرُ نفَلْ ... وبإذْنِ اللهِ رَيْثي وعَجَلْ

أحْمَدُ اللهَ فلا نِدَّ له ... بيدَيْهِ الخيرُ ما شَاَء فعَلْ

مَن هَداهُ سُبُلَ الخيرِ اهتدى ... ناعِمَ البالِ ومَن شاَء أضَلْ

النفل: الغنيمة والجمع أنفال، ثم قال لبيد: وبإذن الله وتسهيله ريثي، أي بُطئي، وعجل: أي سرعتي، فحذف ياء الإضافة للوزن: يقول، إنّ الحركة والسكون بيد الله، ولا ندَّ له: لا مثل له، وبيده الخير: أي بقدرته التي هي كالآلة في أفعالِه تعالى، كاليدين في أفعالنا، وتثنية اليدِ للمبالغة في التشبيه، وما شاء فعل: أي ما أراده فعله وبيّن ذلك بالبيت الثالث. . . وقال أبو نواس:

أخِي ما بالُ قلبِكَ ليسَ يَنْقَى ... كأنّكَ لا تَظُنُّ المَوتَ حَقَّا

ألا يا ابْنَ الذين فَنوا وبادُوا ... أمَا واللهِ ما ذَهبوا لتَبْقى

وما أحدٌ بزادِك منك أحْظى ... وما أحدٌ بزادِك منك أشْقى

ولا لك غيرَ تَقْوى اللهِ زادٌ ... إذا جعلَتْ إلى اللهَواتِ تَرْقى