وقطّاع الطريق والطرَّارون والمُحتالون والسّاعون إلى السلطان، فإذا كان يوم القيامة حُشروا على عادتهم في السّعاية، فقالوا:{وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً}. . . . وقال الجاحظ: الغاغةُ والباغةُ والحاكةُ كأنهم إعذار عامٍ واحد، ألا ترى أنك لا تجد أبداً في كلِّ بلدة، وفي كل عصر، هؤلاء، إلا بمقدار واحد وجهة واحدة، من السُّخف والنقص والخمول والغباوة.
ومن كلمةٍ لسيدنا عليّ في فضل العلم على المال ووصف الطَّغام - قال كُمَيْل بن زياد النخَعي: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فأخرجني إلى الجبّان، فلما أصحرَ
تنفَّس الصُّعداء، ثم قال: يا كميل بن زياد، إن هذه القلوبَ أوعيةٌ فخيرها أوْعاها، فاحفظ عني ما أقول لك، الناسُ ثلاثةٌ، فعالم ربَّانيٌّ، ومتعلِّمٌ على سبيل نجاةٍ، وهَمَجٌ رَعاعٌ، أتباعُ كل ناعقٍ يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنورِ العلم، ولم يلجؤوا إلى ركنٍ وثيق، يا كميل، العلمُ خيرٌ من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمالُ تنقصه النَّفقة والعلمُ يزكو على الإنفاق، وصنيع المال يزول بزوالِه؛ يا كميل بن زياد، هلك خُزَّانُ الأموال وهم أحياء، والعلماءُ باقون ما بقي الدّهر. إلى آخر هذه الخطبة العُلْويَّة التي تراها في نهج البلاغة. . . .