تقول (كان زيد قائما) ماذا صنعت؟ أثبت مضمون الخبر وهو القيام لزيد هنا يدل على ملازمة الخبر للاسم ما دمت حيا إذن ملازمة بين الاسم والخبر كل منهما موجود بوجود الآخر لكن بحسب ما يقتضيه الحال فإذا قلت مثلا (لا زال زيد عالما) إذن العلم صفة لازمة هذا هو الأصل فمدة بقاء زيد بوصف العلم نقول في العرف والعادة أنه ملازم له لكن لازال زيد جالسا مدة حياته وهو جالس؟ إذن بحسب الحال الذي تكلمت فيه فزيد ملازم للجلوس والجلوس وصف زيد لكن الملازمة عرفية أو عادية إذن ما زال وما نفك وما فتىء وما برح موضوعة للدلالة على ملازمة الخبر للاسم على حسب ما يقتضيه الحال ولذلك إذا قيل "لا تنفك مشتغلا بذكر الله " هذا يحتمل أنه مثل ماذا؟ (ما دمت حيا) كان وإن كان يعني دلالة منفكة أخرى لكن نقول وصف الحياة للشخص هذا متحد متى ما كانت الذات موجودة فالحياة كذلك والأصل بالذكر أن يكون ملازما للإنسان حينئذ يكون ذاكرا مشتغلا بالذكر سواء كان قائما أو جالسا أو نائما آكلا شاربا وهذا متصور و (ما دام) دام موضوعة للدلالة على استمرار خبرها لاسمها يعنى مشاركة للأربعة السابقة من حيث الجملة ثم قال الناظم:
يعنى هذه الأفعال على قسمين منها ما لا يتصرف, والتصرف هو التصريف والتصريف هو الصرف، ومنها ما تصرف يعنى تحول إلى أمثلة مختلفة لمعانٍ مختلفة إذا قلت (ضربٌ) هذا مصدر تأتي بأمثلة مختلفة يعنى أوزان مختلفة باختلاف هذه الأوزان تختلف المعاني كل وزن له مدلوله الخاص فالضرب يدل على الحدث فقط وضرب, صرَّفتَ ضربْ إلى ضرب يعنى صغت منه الفعل الماضي حينئذ تصرف فجيء بالماضي من المصدر لأن المصدر هو الأصل في الاشتقاق، نقول ضَرَبََ، إذن ضرب تصرف دل على ماذا؟ على الحدث والزمن وليس مطلق الزمن بل الزمن الماضي، يضرب حدث وزمن وليس مطلق الزمن بل الحال، اضرب، ضارب اسم فاعل, مضروب مضرِب مضرَب إذن هذا يسمى تصريفا, كل وزن يدل على معنى مغاير للآخر.