الجامد الذي فيه قوة تمنع انتقال أجزأ النجاسة من الموضع الذي وقعت فيه إلى ما سواه يعني لا تسري فيه النجاسة يعني لا تمشي بل يقف على محله نقول هذا جامداً ما عداه فهو المائع، هذا الجامد وعرفه بعضهم بأنه القائم اليابس ضد الذائب والذائب كما عرفه هنا في الحاشية [وهو ما بحيث يسيل لو فتح فم الزق] بمعنى أنه لو فتح فم قربة سال بنفسه هذا يسمى مائعاً أو ذائباً المذهب يفرقون بين الجامد والمائع، الجامد إذا وقعت فيه نجاسة أزيلت النجاسة وما حولها وأما المائع فبمجرد الملاقاة حكموا عليه بكونه نجساً، ولذلك قال (أو تنجس دهن مائع) يعني لم يطهر ولا يمكن تطهيره بخلاف الماء سبق أن الماء يمكن أن يطهر؛ ماء قليل إذا وقع فيه أو صب عليه ماء كثير تطهر أليس كذلك؟ أو الماء النجس الكثير الذي زال تغيره بنفسه حكمنا عليه بكونه انتقل من النجاسة إلى الطهورية إذاً الحاصل أن الماء النجس يمكن تطهيره بواحد من الأمور السابقة لكن الدهن المائع لو وقعت فيه نجاسة عندهم لا يمكن تطهيره؛ لماذا؟ لأن الدهن لا يدخل الماء في أجزأ الدهن بخلاف الماء فالماء أجزأ يمكن أن يدخل بعضها في بعض وأما الدهن فلا، ولذلك قال (أو تنجس دهن) دهن هذا قد يكون مائعاً وقد يكون جامداً أخرج الجامد بقوله (مائع)(لم يطهر) لأنه لم يتحقق وصول الماء إلى جميع أجزائه بدليل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة السمن الذي وقعت فيه الفأرة، هذا المذهب والصحيح أن يقال أن الدهن المائع كالجامد بمعنى أن ما عدا الماء على الصحيح أنه لا ينجس إلا بالتغير يعني بالتغير بالنجاسة - حينئذٍ - إذا وقعت النجاسة في الدهن مثلاً سواء كان جامداً أو مائعاً تزال النجاسة وما حولها والباقي يعتبر طاهراًََ وإلحاقه بالماء بمجرد الملاقاة نقول هذا إلحاق مع الفارق - حينئذٍ - الأصل القاعدة الأصل ما تغير بالنجاسة فهو نجس ما لم يتغير بالنجاسة وما لم يتغير بالنجاسة فالأصل أنه ليس بنجس إلا ما دل الدليل عليه؛ كالماء القليل إذا وقعت فيه نجاسة حكم الشارع بكونه نجس إذاً للنص وإذا لم يرد النص بقينا على الأصل واستصحاب البراءة الأصلية - حينئذٍ - نقول هذا الدهن الذي لم يتأثر كله جميعه بالنجاسة نقول الأصل فيه أنه طاهر - حينئذٍ - نبقى على هذا الأصل حتى يرد دليل واضح بين ينقلنا إلى الحكم بالنجاسة فالصواب أن الدهن المائع كالجامد تلقى النجاسة وما حولها والباقي طاهر، ففي البخاري من حديث ميمونة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال (ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم) هنا سئل عن ماذا؟ عن فأرة وقعت في سمن ولم يستفصل النبي صلى الله عليه وسلم هل هذا السمن جامد أم مائع؟ - حينئذٍ - ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال فيكون النص عاماً - حينئذٍ - هذا الجواب من النبي صلى الله عليه وسلم (ألقوها وما حولها) يعني يكون الجواب لأي شيء؟ سواء كان السمن مائعاً أو كان سمن جامداً؟ لأنه لم يستفصل فيحمل على العموم وأما الرواية التي احتجوا بها في المذهب ومن قال بهذا القول أنه قال (إذا كان جامداً فألقوها وما حولها وإذا كان مائعاً فلا تقربوها) هذا الحديث ضعيف