الحمد رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
سبق بعض الأحكام المتعلقة بالحيض وأن هذا الباب إنما هو من الدماء التي تخرج من رحم المرأة وعرفنا أنها ثلاثة على الصحيح: دم حيض ودم نفاس ودم استحاضة والدم الرابع مختلف فيه وهو دم الفساد والصحيح أن دم الفساد داخل في مفهوم دم الاستحاضة -حينئذٍ- يكون دم الاستحاضة هو المتصل بالحيض وكذلك قد يكون مستقلاً عنه ولا يصلح أن يكون حيضاً، وعرفنا تعريف الحيض وبعض الأحكام المتعلقة به، شرع المصنف في بيان متى يحكم على المرأة بأنها حائضاً يعني سبق أن أقل الحيض يوم وليله وسبق أن أقل سنٍ تحيض له المرأة؛ كم؟ تسع سنين على المذهب قلنا الصحيح أنه لا يقدر في الحالين بل قد تحيض قبل تسع سنين ولو لثمان أو سبع أو ست وقد تحيض لأقل من يوم وليله بشرط أن يكون سيلان بمعنى أنه النقطة والنقطتان لا يعتبر حيضاً متى ما سال الدم كما قال الإمام مالك ولو دفعتاً-دفعتاً-يعني مرة واحدة سال سيلاناً يعتبر -حينئذٍ- حيضاً وإذا انقطع -حينئذٍ- تطهر تغتسل وتصلي تكون قد بلغت إذاً الصحيح في الحالين في أقله من حيث السن وفي أقله من حيث الزمن أنه لا يتحدد ودليلهم الذي ذكروه قلنا هذا منتقض لوجود غير من ذكر يعني قيل بأنه لا تحيض قبل تسع سنين قلنا وجود من حاضت بل وحملت قبل تسع سنين هذا يدل على أنها حائض فالوجود في العدم ينفى بالوجود في الوجود فإذا قيل بأنه لم يوجد من حاضت قبل تسع سنين ننفيه بالوجود أليس كذلك؟ ننفيه بالوجود وكذلك إذا قيل بأن أقله يوم وليله طالبنا بالدليل وإذا لم يكن دليل -حينئذٍ- رجعنا إلى الأصل قال الله عزوجل (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى) عبر عنه بأنه أذى وهذا الذي يخرج أقل من يوم وليله هو أذى -حينئذٍ- صدق عليه الوصف فيترتب عليه الحكم الشرعي، متى نحكم على الحيض بأنه حيض؟ إذا تقرر بأنه ليس كل دم يعتبر حيضاً إذاً لا بد من أحكام وكل ما سيذكروه المصنف هنا من المبتدأة وما يتعلق بها إنما هو اجتهاد والصحيح في المسألة لأن المسألة فيها شيء من الدقة وعويص المسائل، صارت المسألة متى ما رأت الدم بصفته وسال سيلان حكمنا عليه بأنه حيض ولو لساعة واحدة فإذا انقطع إما بالقصة البيضاء أو الجفوف -حينئذٍ- اغتسلت وصلت فنحكم عليها بأنها قد بلغت وأنها قد وجبت عليها الصلاة والصوم ونحو ذلك هذا هو الصحيح في المبتدأة لكن ما سيذكره المصنف إنما هو اجتهاد وليس عليه دليل واضح بين بل فهمه لعامة المسلمين فيه نوع مشقة طبعاً مشقة كبرى فلا يستطيع العامي أو المرأة التي لم تكن متعلمة أن تفهم هذه المسائل التي سيذكرها، قال رحمه الله تعالى (والمبتدأة) مَبتدأة بفتح الهمزة يعني التي ابتدأها الحيض وابتداء الشيء أول وقت ظهوره (والمبتدأة) يعني التي ابتدأها الحيض وهذا لا يمكن أن تكون مبتدأة بالحيض أو بالدم الذي يصلح أن يكون حيضاً إلا بعد تمام تسع سنين وأما قبل تمام تسع سنين فلا يقال بأنها مبتدأة لأن قررنا فيما سبق على كلام المصنف أنه يعتبر دم فساد ولا يعتبر دم حيضاً؛ لماذا؟ لأن الدليل عندهم قائم على أن أقل