(فَاشْكُرْ) الفاء للتفريع (فَاشْكُرْ) يعني تشكر من؟ قال (لِذِي الإِيجَازِ) أي لصاحب الإيجاز، من هو صاحب الإيجاز؟ هو المصنف نفسه، يعني أوجزت لك إيجازًا، ونبهتك تنبيهًا قد لا تجده في غير هذا الموضع بعبارة واضحة بينة فيحتاج حينئذٍ إلى الشكر، ويكون الشكر بالدعاء وبالذكر الجميل رحمه الله تعالى رحمه واسعة (لِذِي) يعني لصاحب، فذي هنا بمعنى صاحب.
من ذاك ذو إن صحبةً أبانا
(لِذِي الإِيجَازِ) ذي مضاف، الإيجاز مضاف إليه، وهو مصدر أوجز يوجز إيجازًا إيوجازًا، أوجز والمراد بالإيجاز الاختصار، (لِذِي الإِيجَازِ وَالتَّنْبِيْهِ) معطوف على قوله الإيجاز، يعني صاحب التنبيه والإيقاف فإنه ينبهك على هؤلاء الورثة بعبارة مختصرة واضحة بينة. إذًا ذكر في هذا البيت اثنين من حيث الجملة وأربعة من حيث التفصيل.
(وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتِقُ ذُو الْوَلاَءِ) ذكر في هذا البيت اثنين: زوج وهذا مجمع عليه وهو التاسع الزوج معلوم وأجمع عليه أهل العلم وجاء النص فيه {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}[النساء: ١٢] يعني زوجاتكم، ولكم أنتم هذا خطاب للزوج {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} أي زوجاتكم، والزوج.
والعاشر والأخير (الْمُعْتِقُ) عرفنا ما المراد بالْمُعْتِق «إنما الولاء لمن أعتق». (ذُو الْوَلاَءِ) أي صاحب الولاء (وَالْمُعْتِقُ ذُو الْوَلاَءِ) فرق بينهما، الْمُعْتِق في الأصل هو الذي باشر الْعتق السيد، ذو الولاء هذا ليس مختصًا بالمباشر، وإنما يكون من باشر ولعصبته المتعصبون بأنفسهم، ولذلك لَمَّا كان اللفظ موهمًا. قال (الْمُعْتِقُ) بأن يكون الوارث هو المعتق نفسه السيد، أما عصبته المتعصبون بأنفسهم لا يرثون حينئذٍ رفع هذا الوهم بقوله:(ذُو الْوَلاَءِ). يعني: صاحب الولاء، إذًا صاحب الولاء أعمّ من قوله (الْمُعْتِقُ)، وعليه يكون قوله:(الْمُعْتِقُ) ليس قيدًا، وإنما ذكره ابتداءً ثم وصفه بما ذكره بعده، إذًا (الْمُعْتِقُ) هذا هو العاشر، ولما كان المراد به المعتق حقيقةً وعصبته حكمًا، وصفه بقوله:(ذُو الْوَلاَءِ) يعني صاحب الولاء، من المعتق نفسه وهو الذي باشر وهو السيد، وعصبته المتعصبين بأنفسهم، فحينئذٍ قوله:(الْمُعْتِقُ) في النظم هذا ليس قيدًا، وقوله:(ذُو الْوَلاَءِ) دفع به ما يتوهم من أنه قاصر على من باشر العتق، وليس الأمر كذلك.