الدق بما فيه من الدق الشبية بالسميد وغير ذلك من الدلس ثم يمضي إلى السقيف التي يباع فيها الدقيق البراني ويشتري فيها ربعا واحدا ويضعه في الجميع فإذا وقف عليه المشترى وسأله كيف يبيع الدقيق يقول له الآن والله اشتريته بسوم كذا ويبيع الجميع على ذلك السوم ويعتقد المشتري أنه أحمد إليه بأن أعطاه إياه بسوم ما اشتراه إلى غير ذلك من الخدع.
ومنهم الغربالون وغشهم بأن لا يستوفوا تنقية الطعام مما فيه ولا الدقيق من نخالته ولهم مع ذلك في الوزن حرص مع الطحانين وأصحاب الدقيق أضربنا عنهم لاتساع القول فيهم.
ومنهم الطحانون وغشهم بأن يخلطوا الرديء مع الطيب ليأخذوا من الطيب ويجعلوا الرديء ويخفي فعلهم.
ولقد أخبرني عدل من الشهود كيس من جلة الطلبة أنه نزل في ليلة من الليالي في علو مبتني على رحى تصنع فيها الطرامج وكان في ذلك المبتنى طاق يشرف منه على داخل الرحى فانتبهت يقول من آخر الليل ولم أسمع دوي الطحن فنظرة في جوف الرحي فإذا الطحان قد أخذ من دقيق الدرمك جزءا وأزاله إلى ناحية ووضع عوضه من دقيق المدهون ووضع الدقيق بعد أن غربله ووضع في النخال مغربل كنس الرحى ورأيته في ليلة أخرى وقد أخذ أعدال القمح وفتح عنها واستسقي الماء وسقى القمح بها وقد أخذ منه بقدر الماء قمحا واستأثر به فزاد القمح بذلك لينا ورخوصة وتركه إلى أن دخل الليل ورفعه للطحن ولما حدث فيه من الرخاوة لم تزل الرحي تشبك عليه مرة بعد أخرى ويتغير الدقيق ويفسد لونه ولم يكن له بد من أن يرفع الحجر إثر كل عدل وينقشه ومع كثرة النقش وقع الحجر في الدقيق مع ما يخرج من