تضريس الحجر عند الدور حتى فحش لكثرته فتحصل من أمره بما فعل أن حال وأفسد.
ويغشون أيضا بأن يأخذوا من القمح ويجعلون عوضه ما يمكنهم من العظام وشوابي البحر ومجره في بلد الساحل والتراب الأبيض والكدان الرخص كما سمعت يوما رجلا يحدث وقد تعجب مما رأى فقال: كنت واقفا على قارعة طريق يفضي إلى رحى فإذا بطحانها يتوجه إليها على دابة وتحته عدل فارغ وقد أبصر إلى جانب الطريق قلبيرة بالية فسمعته يقول: ربع دقيق هنا ترفد لي ونزع عن الدابة وجعلها في قعر عدله وعاد إلى ركوبه ومضى لوجهه.
ويغشون أيضا بأن يأخذوا من الدرمك ما شاؤوا ويعوضون عنه شنتيه بيضاء مغربلة بعد الطحن ولا يكاد يشعر بذلك إلا عند اختبار الخبز منه فإنه لا يرتفع في الخمير ارتفاع الدرمك السالم.
وبأرحى مالقة عجب يجب التحدث به وذلك غار فيه تراب أبيض يحتفر ويخلط في الدقيق ويزعم أهل تلك الجمعة أنه يحسن باختمار ما يخلط معه من الدقيق والناظرون في الحسبة بمالقة يمنعون منه ويبنون فم الغار مرة ويردمونه أخرى ومتى غفل عنه حفر عليه ودلي به، ومع ذلك كله فالمفسد لا يغفل والخدع جمعة.
ولقد وجهت يوما غلامي إلى الرحى بقمح إلى الطحن فغاب عني ثلاثة أيام متوالية حتى أشفقت من أمره وخفت فواته بالدابة والطعام فخرجت في طلبه وبحثت وألفيته في رحى خفية وقد تلقاه طحانها وخدعه وعرفه بأن بيني وبينه ما يوجب إكرام الغلام وبره واحتمله إلى تلك الرحى وشرع في طحن القمح وشغله حتى أخذ له من القمح وتركه بالرحى وخرج إلى الساقية التي يخرج عليها ماء