ولكل نوع من ذلك تدبير له وصنعة فيه أحكمها أهل الاشتغال بها وواصلها المدبرون لها والأمر في ذلك كله أعظم من أن يطال البحث عنه والاستقصاء له وكيف لا وقد حكي أن العقار نحو الثلاثة آلاف في العدد والاختراعات لا تنقطع.
وشأن المحتسب في هذا أن يقدم عليهم في سوقهم من تعلم ثقته ودينه ومعرفته وبصره بالعقار وتمييزه له واعتناؤه بلقاء الشيوخ العارفين بذلك والأخذ عنهم فيه، وكذلك ثقات التجار المتجولين في البلاد والأطباء العارفين ويكون قد بلغت به همته إلى أن يطالع أقوال المتقدمين في اختبار ما يوجد من ذلك والكشف عنه إذ توجد لتلك الأشياء أشباه تماثلها في الصفة والنوع وتنافيها في الفعل والمنفعة سوى ما منها.
ويجب أن لا يستعمل حتى يبحث عنها ويستخبر، وقد وضع المتقدمون في ذلك اختبارات فقالوا أن المحمودة الأنطاكية إذا كانت تحذو اللسان خذوا شديدا فهي مغشوشة بلبن اليتوع وإذا جعل الطباشر في الماء يرسب العظم ويطفو الطباشر، والمقل الهندي ليس فيه مرارة ورائحته في النار ظاهرة، والأفيون إذا دخل في الماء تشبه رائحته لرائحة الزعفران والمدلس لا رائحة له ولا يحذو اللسان، والخالص من دهن البلسان إذا قطر منه على خرقة النقية من صوف ثم غسلت زال ولم يؤثر ولا أحدث طبعا، وإذا قطر على ماء تجمد ثم يصير كاللبن بسرعة والمغشوش يطبع الثوب ويظهر مثل الزيت ويتفرق والطيب منه إذا قطر على اللبن جمده وإذا غمست فيه مسلة حديد وقربت إلى النار اشتعلت وقد يفسد الخالص منه بطول الزمان ويتحيل، والراوند الصيني أحمر اللون مثل الدم ولا رائحة له وهو إلى الخفة وأطيبه السالم من السوس وإذا نقع في الماء صار الماء أصفر كماء الزعفران والمغشوش ليس كذلك، والجيد من