الحانوت أنه غاب في ذلك اليوم عند رجل من أهل الثروة في عمل الشغل له في داره فلما طلع النهار اختطرت عليه فوجدته في دكانه وعرفته بما اتفق لي في طلبه وما عرفت به، فقال كان ذلك وعاهدت الله ألا أعمل لأحد عملا بعد يومي هذا إلا في دكاني لما رأيت، فأشفقت مما سمعت وسألته عن أمره فقال لي: إني كنت أعمل في برانية دار للرجل حتى دخل علينا فلان من مفسدي هذا الصنف المذكور ولم أظنه على ذلك فقال له صاحب الدار: أين الخادم التي ساق لك فلان للبيع، فتجاهل له وقال لا أعرف ما تقول، فقال له: هي الكاملة القد الحالكة البديعة الصورة الحلوة الشكل وكيف تجحدها وقد وصفت لي وعرفت بها، فقال له: وبعد هذا ما تريد قال أريد أن أراهان ثم قام إليه وساره فسمعته يقول له: خمسة دراهم تعطيني والله وحينئذ أسوقها لك، وأعطاه صاحبه الذي طلب ثم خرج عنا وغاب قليلا وجاء بخادم سوداء على النحو الذي وصف قد التحفت بكساء أبيض محشي بالأحمر وجود مثلها نادر، فقال له هذه وأشار لها إلى غرفة بالبرانية المذكورة فطلعتها وطلع صاحب الدار بعدها وخلي بينهما ومشي لوجهه فعجبت من فعلها وجمعت أسبابي وخرجت والتزمت ما التزمت.
ومن غشهم وحيلهم أنهم يبيعون نوعا منهم على نوع وصنفا على صنف، وقد تكلم الناس في المماليك وأصنافهم وصورهم وأخلاقهم وما يصلح له كل نوع منهم وخاضوا في ذلك كل خوض وقالوا: الخادم البربرية للذة، والرومية لحيطة المال والخزانة، والتركية لإنجاب الولد، والزنجية للرضاع، والمكية للغناء، والمدنية للشكل، والعراقية للطرب والانكسار، أما