للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذيل، وأهل الحجاز" (١) فالتعبير بحرف الجر (من) الذي يفيد التبعيض له دلالته. وكذلك يقول ابن مجاهد: "كان أهل المدينة لا يهمزون، حتى همز ابن جندب فهمزوا: "مستهزئون"، و"استهزئ" (٢).

وحتى القبائلُ المُحَقِّقَةُ للْهَمْزِ ليست كلها سواء في التحقيق، بل منهم من يذهب في تحقيقها مذهبا بعيداً فيُبْدل الألف، والواو، والياء همزة، وهم بنو أسد، إذ يذكر الفراء أن همز (يأجوج ومأجوج) لغة بني أسد، ولا وجه له إلا اللغة المحكية عن العجاج أنه كان يهمز العألم والخأتم (٣). وقد روي عنه (٤):

يَا دَارَ سَلْمَى يَا اسْلَمِي ثُمَّ اسْلَمِي

فَخِنْدَفٌ هَامَةُ هَذَا العَأْلَمِ

وحكى اللحياني عنهم (بأز) بالهمز، والأصل من غير همز. قال الشاعر (٥):

كَأَنَّهُ بَأْزٌ دَجْنٌ فَوْقَ مَرْقَبَةٍ جَلَّى القَطَا وَسْطَ قَاعٍ سَمْلَقٍ سَلِق

ويقول أبو زيد سمعت رجلاً من غنى يقول: هذه قسمة ضئزى بالهمز (٦). وبنو غنى هؤلاء من قيس (٧) وقيس من القبائل التي تحقق الهمز.

وعلى الجانب الآخر يمكن القول بأن قبائل الحجاز لم تستطع كلها التخلص من الهمز إذ يقول سيبويه: "وقد بلغنا أن قوما من أهل الحجاز من أهل التحقيق يحققون: نبيء وبريئة، وذلك قليل رديء" (٨). ونقل أبو علي الفارسي أن أهل


(١) التحرير والتنوير لابن عاشور: ١٦/ ٣٥٨.
(٢) السبعة لابن مجاهد: ٦٠.
(٣) انظر البحر المحيط لأبي حيان: ٦/ ١٦٣.
(٤) ديوان العجاج: ٦٠، وانظر: طبقات فحول الشعراء لابن سلام: ٦٤، وقد ورد في كتب القوافي على أنه من السناد، والسناد: فساد القافية عموما، هذا إذا لم يكن الهمز لغة له، انظر: القوافي للتنوخي: ١٨، والقوافي للأخفش: ١، ٥، ٨.
(٥) انظر: شرح المفصل لابن يعيش: ١/ ١٢، والبيت نسبه ابن قتيبة الدينوري في: المعاني الكبير: ١/ ٦٩ لعنترة بن شداد مع تغير في بعض لفظه.
(٦) التاج: ١٥/ ١٩٤.
(٧) انظر جمهرة أنساب العرب لابن حزم: ٢٣٢.
(٨) الكتاب: ٢/ ١٧٠.

<<  <   >  >>