للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال السَّمِين في تخريج القراءتين السابقتين: "قرأ حمزة والكسائي: "يُمَيِّز" (١) بالتشديد، والباقون بالتخفيف. وعن ابن كثير أيضاً "يُمِيزَ" من أماز، فهذه ثلاث لغات يقال: مازَه ومَيَّزه وأمازه. والتشديد والهمزة ليسا للنقل، لأنَّ الفعل قبلهما متعدٍ، وإنما (فَعَّل) بالتشديد و (أَفْعَل) بمعنى المجرد، وهل ماز ومَيّز بمعنى واحد أو بمعنيين مختلفين؟ قولان. ثم القائلون بالفرق اختلفوا فقال بعضهم: لا يقال: "مازا" إلا في كثير من كثير، فأما واحد من واحد فَمَيَّزت؛ ولذلك قال أبو معاذ: يقال: "مَيَّزْتُ بين الشيئين ومِزْتُ بين الأشياء". وقال بعضُهم عكسَ هذا: مِزْتُ بين الشيئين ومَيِّزْتُ بني الأشياءِ، وهذا هو القياسُ، فإنَّ التضعيفَ يُؤْذِنُ بالتكثير وهو لائقٌ بالمتعددات. ورجَّح بعضُهم "مَيَّز" بالتشديد بأنه أكثر استعمالاً، ولذلك لم يُسْتعمل المصدرُ إلا منه فقالوا: التمييز، ولم يقولوا: "المَيْز" يعني لم يقولوه سماعاً وإلا فهو جائز قياساً" (٢).

(عَقَّدَتْ): قراءة في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} (٣). [التاج: عقد]

ذكر الزبيدي قراءة "عَقَّدَتْ" (٤) بغرض الاستدلال على أن الفعلين: عَقَدَ، وعَقَّدَ، يأتيان بمعنى واحد وهو توكيد العهد وتغليظه. قال صاحب الكشاف: "وقرىء (عقدت) بالتشديد والتخفيف بمعنى: عقدت عهودَهم أيمانُكم" (٥). وهذا المعنى مجازي وليس حقيقيا. مع الأخذ في الاعتبار أن التوحد في المعنى هنا ليس كاملا إذ توجد اختلافات بين هذين الفعلين في الدرجة (٦)، على اعتبار أن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى.

(خَرَّقُوا): قراءة في قوله تعالى: {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ} (٧).

[التاج: خرق].


(١) انظر: معاني القراءات للأزهري:١١٤، والتبيان للعكبري: ١/ ٣١٤، والإتحاف للدمياطي:٢٣٢،٢٣٣.
(٢) الدر المصون: ٤/ ٢٧٣.
(٣) النساء: ٣٣.
(٤) هي قراءة حمزة والمطوعي، انظر: الدر المصون: ٥/ ٤٥٠، وروح المعاني: ٥/ ٢٢، ومعجم القراءات لمختار: ١/ ٥٠٥.
(٥) الزمخشري: ١/ ٥٣٦.
(٦) انظر: وروح المعاني: ٥/ ٢٢، والدر المصون: ٥/ ٤٥٠.
(٧) الأنعام: ١٠٠.

<<  <   >  >>