للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر الزبيدي أن من المَجاز: التَّخْرِيقُ: المُبالَغَةُ في الخرْقِ أَي: كَثرَة الكَذِبِ. والتخريق مصدر خَرَّقَ، وقد استشهد الزبيدي بقراءة أبي جعفر ونافع حيث قرآ: {وَخَرَّقُوا} (١) بالتَّشدِيدِ.

قال السمين: قرأ الجمهور "خَرَقُوا" بتخفيف الراء ونافع بتشديدها ... والتخفيف في قراءة الجماعة بمعنى الاختلاق. قال الفراء: "يقال خلق الإِفك وخَرَقه واختلقه وافتراه وافتعله وخَرَصَه بمعنى كَذَب فيه" (٢)، والتشديد للتكثير لأن القائلين بذلك خلق كثير وجمٌّ غفير، وقيل: هما لغتان، والتخفيف هو الأصل " (٣). وقال ابن عاشور: "وقراءة نافع تفيد المبالغة في الفعل؛ لِأَنَّ التَّفْعِيلَ يَدُلُّ على قوّة حصول الفعل" (٤).

(أَمَّرْنَا): قراءة في قوله تعالى: {وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا} (٥). [التاج: أمر].

ذكر الزبيدي أن أَكثر القراءِ على "أَمَرْنَا" مخففة. ورُوِيَ عن أَبي عَمْرٍو وابنِ كَثِيرٍ وأَبي العالِيَةِ: "أَمَّرْنَا" (٦) بالتَّشدِيد، قال الفَرْاءِ (٧): مَنْ قرأَ: "أَمَرْنَا" خَفِيفَةً فَسَّرها بعضُهُم أَمَرنا مُترفِيها بالطّاعَة ففسقُوا فيها؛ لأَن المُتْرَفَ إِذا أُمِرَ بالطَّاعَة خالَفَ إِلى الفِسْق، قال: وهو موافِقٌ لتفسِيرِ ابنِ عَبّاس، وذلك أَنّه قال: سَلَّطْنَا رُؤَساءَهَا فَفَسَقُوا.

وقد قصر ابن جني قراءة التضعيف على معنى المبالغة والزيادة في العدد أو الإمارة فقال: "وأما "أمَّرْنَا" فقد يكون منقولا من: أَمِرَ القوم أي كَثُرُوا، كعَلِمَ وعَلَّمْتُهُ، وسَلِمَ وسَلَّمْتُهُ. وقد يكون منقولا من: أَمَرَ الرجلُ، إذا صار أميرا، وأَمَرَ علينا فلان إذا وَلِيَ. وإن شئت كان "أمَّرْنَا" كَثَّرْنَا، وإن شئت كان من الأَمْرِ والإِمَارَةِ" (٨).


(١) انظر: السبعة لابن مجاهد: ٢٦٤، والحجة لابن زنجلة: ٢٦٤، والبحر المحيط: ٥/ ٢٢١، والنشر: ٢/ ٢٦١، والإتحاف: ٣٨١، ومعجم القراءات لمختار: ٢/ ١١٩.
(٢) معاني القرآن: ١/ ٣٤٨.
(٣) الدر المصون: ٦/ ٣٦٢.
(٤) التحرير والتنوير: ٧/ ٤٠٧.
(٥) الإسراء:١٦.
(٦) انظر: السبعة لابن مجاهد: ٣٧٩، والنشر: ٢/ ٣٠٦، والإتحاف: ٥٠٢، ومعجم القراءات لمختار: ٣/ ٥١.
(٧) انظر معاني القرآن: ٢/ ١١٩.
(٨) المحتسب: ٢/ ١٧.

<<  <   >  >>