للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترددت كثيرا في كتب النحاة (١)، وكان إمامهم في ذلك سيبويه عندما قال: " وأما استغناؤهم بالشيء عن الشيء فإنّهم يقولون يَدَعُ ولا يقولون وَدَع استغنوا عنها بتَرَكَ" (٢) والواضح أن مقولة سيبويه هذه قد تبناها النحويون كَالْمُسَلَّمَةِ، حتى قيل بموت ماضي هذا الفعل إلا أن قلة من اللغويين، رفضوا مبدأ الإماتة، وأقروا مبدأ قلة الاستخدام، وحملوا مبدأ الإماتة عليه، منهم الليث وابن الأثير. واستطاع الزبيدي أن يلخص هذه المسألة عن طريق بعض النقول فقال: " قال شَيْخُنَا عِنْدَ قَوْلهِ: {وقدْ أُمِيتَ ماضِيهِ} قلتُ: هي عِبَارَةُ أئِمَّةِ الصَّرْفِ قاطِبَةً، وأكْثَرُ أهْلِ اللُّغَةِ، ويُنَافِيه ما يَأْتِي بأثَرِهِ، منْ وُقُوعِه في الشِّعْرِ، ووُقُوعِ القَراءَةِ، فإذا ثَبَتَ وُرُودُه ولو قَلِيلاً، فكَيْفَ يُدَّعَى فيهِ الإماتَة؟. قلت: وهذا بعَيْنِه نَصُّ اللَّيثِ فإنّه قالَ: وزَعَمَتِ النَّحْوِيَّةُ أنَّ العَرَبَ أماتُوا مَصْدَرَ يَدَعُ، ويَذَرُ واسْتَغْنَوا عنْهُ بتَرْكٍ، والنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أفْصَحُ العَرَبِ، وقد رُوِيَتْ عَنْهُ هذهِ الكَلِمَةُ. قالَ ابنُ الأثِيرِ: وإنّمَا يُحْمَلُ قَوْلُهُم على قِلَّةِ استِعْمَالِهِ، فهُوَ شاذٌّ في الاسْتِعْمَالِ، صَحِيحٌ في القِيَاسِ، وقد جاءَ في غَيْرِ حديثٍ، حتى قُرِئَ بهِ قولُه تعالى: {مَا وَدَّعَكَ}.

(ب) زيادة (فَعَلَ) بالهمزة: (أَفْعَلَ).

(نُنْسِخْ): قراءة في قوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ ءايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (٣). [التاج: نسخ].

قال الزبيدي:"قرأَ ابن عامرٍ {مَا نُنْسِخْ مِنْ آيَةٍ} بضمّ النّون من (أَنْسَخَ) رُباعيّاً. قال أَبو عليّ الفارسيّ: الهَمْزَة للوجُود كأَحْمَدْتُه: وجَدْتُه: مَحموداً (٤). وقال الزمخشَريّ: الهَمْزَة للتعدية". وذكر البغوي أن الهمزة يجوز أن تكون للجعل، والمعنى: نجعله نسخة له (٥).


(١) انظر: الخصائص لابن جني: ١/ ٩٩،٢٦٦،٢٩٦، والإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري: ٢/ ٤٨٥، وهمع الهوامع للسيوطي: ١/ ٤٢٥،٤٣٥ والأصول في النحو لابن السراج: ١/ ٥٧.
(٢) الكتاب: ١/ ٢٥.
(٣) البقرة: ١٠٦.
(٤) وانظر هذا المعنى في: الحجة لأبي زرعة: ١٠٩، والجامع للقرطبي: ٢/ ٦٧، والبحر المحيط لأبي حيان: ١/ ٢٩٤.
(٥) انظر معالم التنزيل: ١/ ١٣٤.

<<  <   >  >>