للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالوَعْدِ والوعيد، على هذا وجَدْنَا القرآن، نحو: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ} (١) و {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً} (٢) و {وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} (٣) و {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ} (٤). وقال مكي مُرَجِّحاً لقراءةِ أبي عمرو أيضاً: "وأيضاً فإنَّ ظاهرَ اللفظِ فيه وَعْدٌ من الله لموسى، وليسَ فيه وعدٌ مِنْ موسى، فَوَجَبَ حَمْلُهُ على الواحدِ بظاهر النص" (٥) ثم ذَكَرَ جماعةً جِلَّةً من القرَّاءِ عليها. وقال أبو حاتم مُرَجِّحاً لها أيضاً: "قراءةُ العامَّة عندَنا: وَعَدْنا - بغيرِ ألفٍ - لأن المواعَدَةَ أكثرُ ما تكونُ من المخلوقين والمتكافِئين". وقد أجابَ الناس عن قول أبي عُبَيْد وأبي حاتم ومكي بأن (المفاعلةَ) هنا صحيحةٌ، بمعنى أنَّ موسى نزَّلَ قبوله لالتزام الوفاءِ بمنزلة الوَعْدِ منه، أو أنَّه وَعَدَ أن يُعْنَى بما كلَّفه ربُّه. وقال مكي: "المواعدة أصلُها من اثنين، وقد تأتي بمعنى (فَعَل) نحو: طارَقْتُ النَّعْلَ"، فجعل القراءتين بمعنىً واحد، والأولُ أحسنُ. ورجَّح قوم "واعدنا". وقال الكسائي: وليس قولُ الله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ} من هذا البابِ في شيء؛ لأن "واعَدْنا موسى" إنما هو من بابِ الموافاة، وليس من الوَعْد في شيء، وإنما هو من قولك: مَوْعِدُكَ يومُ كذا وموضعُ كذا، والفصيحُ في هذا "واعَدْنا". وقال الزجاج: "واعَدْنا" بالألفِ جَيِّدٌ، لأن الطاعةَ في القَبول بمنزلةِ المواعدة، فمِنَ الله وَعْدٌ، ومِنْ موسى قَبولٌ واتِّباعٌ، فجَرى مَجْرَى المواعدة" (٦). وقال مكي أيضاً: "والاختيارُ "واعَدْنا" بالألفِ، لأن بمعنى وَعَدْنَا، في أحدِ مَعْنَيَيْه، وأنه لا بُدَّ لموسى وَعْدٍ أو قبول يقُومُ مقامَ الوعدِ فَصَحَّت المفاعلة" (٧).

(عَاقَدَتْ) (٨): قراءة في قوله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} (٩). [التاج: عقد]


(١) النور: ٥٥.
(٢) الفتح: ٢٠.
(٣) إبراهيم: ٢٢.
(٤) الأنفال: ٧.
(٥) الكشف عن وجوه القراءات: ١/ ٢٣٩.
(٦) معاني القرآن وإعرابه: ١/ ١٣٣.
(٧) الدر المصون: ١/ ٢٦٢.
(٨) هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وابن عباس وأبي جعفر ويعقوب. انظر: السبعة لابن مجاهد: ٢٣٢، والحجة لابن خالويه: ١٢٣، والنشر:٢/ ٤٩.
(٩) النساء: ٣٣.

<<  <   >  >>