للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى غرار ما سبق أتى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} حيث قرئ {عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}؛ لأن الفعل يقتضي المشاركة، حيث إن العقد لا يكون إلا بين طرفين.

قال ابن خالويه: "عقدت" يقرأ بإثبات الألف والتخفيف، وبترك الألف وتخفيف القاف، فالحجة لمن أثبت الألف، أنه جعله من المعاقدة، وهي المحالفة في الجاهلية أنه يواليه ويرثه ويقوم بثأره، فأمروا بالوفاء لهم، ثم نسخ ذلك بآية المواريث، فحسنت الألف ها هنا؛ لأنها تجيء في بناء فِعْلِ الاثنين. والحجة لمن حذف الألف أنه يقول ها هنا صفة محذوفة والمعنى: والذين عَقَدَتْ أيمانُكُمْ لَهُمُ الحَلِفَ " (١).

(لَمَسْتُمُ) (٢): قراءة في قوله تعالى: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} (٣). [التاج: لمس]

تناول الزبيدي الملامسة فقال: "والمُلامَسَةُ أَكْثَرُ ما جاءَت من اثْنَيْن واستدل بقوله تعالى: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ}، وقُرِئَ "أَو لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ" وهي قراءَةُ عن حَمْزَةَ والكِسَائيِّ وخَلَفٍ".

قال أبو زرعة: "قرأ حمزة والكسائي "أو لمستم النساء" بغير ألف جاعلا الفعل للرجال دون النساء، وحجتهما أن اللمس ما دون الجماع، كالقبلة والغمزة، عن ابن عمر اللمس ما دون الجماع، أراد اللمس باليد، وهذا مذهب ابن مسعود وسعيد بن جبير وإبراهيم والزهري. وقرأ الباقون "أو لامستم" بالألف أي جامعتم، والملامسة لا تكون إلا من اثنين، الرجل يلامس المرأة، والمرأة تلامس الرجل، وحجتهم ما روي في التفسير، قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: قوله "لامستم النساء" أي جامعتم، ولكن الله يكني" (٤).

ويلاحظ هنا أن اختلاف القراءة قد أثمر ختلافا معنويا وفقهيا، فمجرد لمس الرجال للنساء يوجب الوضوء، هذا على قراءة "لمستم". أما قراءة "لامستم" والتي حملوها على الجماع فإنها توجب الاغتسال.


(١) الحجة: ١٢٣.
(٢) قراءة حمزة والكسائي وخلف، انظر: الحجة لابن خالويه: ١٢٤، والدر المصون: ٥/ ١٦، ومعجم القراءات لأحمد مختار: ١/ ٥١٣.
(٣) النساء: ٤٣.
(٤) الحجة: ٢٠٥.

<<  <   >  >>