للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن زنجلة: " قرأ ابن عامر:"هُوَ مُوَلَّاهَا" بفتح اللام أي هو موجهها وحجته أنه قَدَّرَ لَهُ أن يَتَوَلَّاهَا، ولم يُسْنَدْ إلى فاعل بعينه، فيجوز أن يكون (هو) كناية عن الاسم الذي أضيفت إليه (كل) وهو الفاعل، ويجوز أن يكون فاعل التولية الله و (هو) كناية عنه، والتقدير: ولكل ذي ملة قبلة الله موليها وجهه، ثم رد ذلك إلى ما لم يسم فاعله.

وقرأ الباقون: "هُوَ مُوَلِّيهَا" أي متبعها وراضيها، وحجتهم ما قد جاء في التفسير عن مجاهد: (ولكل وجهة هو موليها) أي لكل صاحب ملة وجهة: أي قبلة هو موليها، هو مستقبلها، قوله: هو موليها، (هو) كناية عن الاسم الذي أضيفت إليه كل في المعنى؛ لأنها وإن كانت منونة، فلا بد من أن تسند إلى اسم" (١).

وقال أبو إسحاق الزجاج: "في (هو) وجهان، أحدهما: أن يكون ضمير (كل)، أي لكل أهل وجهة وجهة هم الذين يتولونها ويستقبلونها عن أمر نبيهم عن مجاهد، والثاني: الله تعالى هو الذي يوليهم إليها، وأمرهم باستقبالها عن الأخفش (٢)، وقد قرئ "هو مُوَلَّاهَا" وهذا حسن يدل على الثاني من القولين" (٣).

ويرى الألوسي أن عود الضمير على الله تعالى يفسد المعنى فيقول: "وروي عن ابن عباس (رضي الله عنهما): "هُوَ مُوَلَّاهَا" على صيغة اسم المفعول أي هو قد ولى تلك الجهة فالضمير المرفوع حينئذٍ عائد إلى "كل" الْبَتَّة ولا يجوز رجوعه إلى الله تعالى لفساد المعنى" (٤). وعبارة الطبري: "هُوَ مُوَلِّيهَا"، فإنه يعني هو مولٍّ وجهه إليها ومستقبلها ... وقد روي عن ابن عباس وغيره أنهم قرؤوها: "هُوَ مُوَلَّاهَا" بمعنى أنه مُوجَّهٌ نحوها. ويكون الـ" كل" حينئذ غير مسمًّى فاعله، ولو سُمي فاعله، لكان الكلام: ولكلّ ذي ملة وجهةٌ، اللهُ مولِّيه إياها بمعنى: موجِّهه إليها" (٥).


(١) الحجة لابن زنجلة: ١١٧.
(٢) انظر معاني القرآن له: ١/ ١١٩.
(٣) إعراب القرآن: ١/ ١٢٦.
(٤) روح المعاني: ١/ ٣٤٥.
(٥) جامع البيان: ١/ ٤١٢.

<<  <   >  >>