للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(مُسَوَّمِينَ) (١): قراءة في قوله تعالى {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلآفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (٢).

قال الزبيدي: " وسَوَّم الخَيْل: أَرْسَلَها إلى المَرْعَى تَرْعَى حيث شَاءَت. وبه فَسَّرَ الأخفشُ قَوْلَهُ تَعَالى: {مِنَ المَلائِكَةِ مُسَوَّمِينَ} قال: وإِنَّما جاء باليَاءِ والنُّون؛ لأَنَّ الخيلَ سُوِّمَت وعَلَيها رُكْبانُها". واستدلال الزبيدي هنا بقراءة الفتح، أي باسم المفعول؛ لأنها اختيار الأخفش، وعبارته في (معاني القرآن) تقول: "مُسَوِّمِينَ" لأنهم سَوَّمُوا الخيلَ. وقال بعضهم: "مُسَوَّمِينَ" مُعَلَّمِينَ؛ لأنهم هم سُوِّمُوا وبها نقرأ" (٣). [التاج: سوم].

قال السمين:" فأما القراءة الأولى - مُسَوِّمِينَ - فتحتمل أن تكون من السَّوْم وهو تَرْكُ الماشية ترعى، والمعنى أنهم سَوَّموا خيلَهم أي: أعطَوها سَوْمَها من الجري والجوَلان وتركوها، كذلك يَفْعل مَنْ يَسِيمُ ماشِيتَه في المَرْعى، ويحتمل أن يكون من السَّوْمَة وهي العلامة، على معنى أنهم سَوَّموا أنفسهم أو خيلهم، ففي التفسير أنهم كانوا بعمائَم بيضٍ إلا جبريلَ فبعمامةٍ صفراء (٤) ... وأما القراءة الثانية فواضحةٌ بالمعنيين المذكورين فمعنى السَّوْم فيها: أنَّ الله أرسلهم، إذ الملائكة كانوا مُرْسَلين مِنْ عندِ الله لنصرةِ نبيِّه والمؤمنين ... قال أبو الحسن الأخفش: "معنى مُسَوَّمين: مُرْسَلين". ومعنى السَّومةِ فيها أنَّ الله تعالى سَوَّمَهم، أي: جَعَل عليهم علامَةً وهي العمائم، أو الملائكةُ جَعَلوا خيلَهم نوعاً خاصاً وهي البُلْق، فقد سَوَّموا خيلَهم" (٥).


(١) بصيغة اسم المفعول قرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي ونافع وخلف ويعقوب والأخفش، وبصيغة اسم الفاعل قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب واليزيدي، انظر: السبعة: ٢١٦، والحجة لأبي زرعة: ١٧٣، والنشر: ٢/ ٢٤٢، والإتحاف: ٣٢٢، ومعجم القراءات للخطيب: ١/ ٥٦٩.
(٢) آل عمران: ١٢٥.
(٣) التاج: سوم: ١/ ١٨٢.
(٤) انظر هذا المعنى أيضا في: جامع البيان للطبري: ٧/ ١٨٥، والكشاف: ١/ ٤١١، والمحرر الوجيز لابن عطية: ١/ ٥٠٥، وجامع الأحكام للقرطبي: ٤/ ١٩٦، وروح المعاني للألوسي: ٤/ ٣٤٨.
(٥) الدر المصون: ٤/ ١٥٨

<<  <   >  >>