أشهرهما: أنه أَسْند الإِحصان إلى غيرهن، وهو إمَّا الأزواج أو الأولياء، فإن الزوج يُحْصِنُ امرأته أي: يُعِفُّها، والوليَّ يُحصِنُها بالتزويجِ أيضاً والله يُحْصِنُها بذلك.
والثاني: أن هذا المفتوحَ الصادِ بمنزلة المكسور، يعني أنه اسمُ فاعل، وإنما شَذَّ فتحُ عين اسم الفاعل في ثلاثة ألفاظَ: أَحْصَنَ فهو مُحْصَن وأَلْقح فهو مُلْقَح، وأَسْهَب فهو مُسْهَب.
وأمَّا الكسر فإنه أسند الإِحصان إليهن؛ لأنهن يُحْصِنَّ أنفسهن بعفافهن، أو يُحْصِنَّ فروجهن بالحفظ، أو يُحْصِنَّ أزواجهن. وأما استثناء الكسائي التي في رأس الجزء قال:"لأن المراد بهن المُزَوَّجات فالمعنى: أن أوزاجَهُنَّ أحصنوهن، فهن مفعولاتٌ"، وهذا على أحدِ الأقوال في المحصنات هنا مَنْ هن؟ على أنه قد قرئ ـ شاذاً ـ التي في رأس الجزء بالكسر أيضاً، وإنْ أُريد بهن المزوِّجات؛ لأنَّ المراد أحصنَّ أزواجهنّ أو فروجهنّ، وهو ظاهر" (١).
ثانيا: من اسم الفاعل إلى الصفة المشبهة
الصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدي لواحد، وهي الصفة المصوغة لغير تفضيل، لإفادة نِسْبَةِ الحَدَثِ إلى مَوْصُوفِهَا دونَ إِفَادَةِ الحُدُوثِ، مثال ذلك "حَسَن" في قولك: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسَنِ الْوَجْهِ، فَـ"حَسَنُ" صفة؛ لأن الصفة ما دل على حَدَثٍ وَصَاحِبِهِ، وهذه كذلك وهي مصوغة لغير تفضيل قطعا؛ لأن الصفات الدالة على التفضيل هي الدالة على مشاركة وزيادة، كَأَفْضَل، وأَعْلَم وأَكْثَر، وهذه ليست كذلك، وإنما صيغت لنسبة الحدث إلى موصوفها، وهو الحُسْنُ، وليست مصوغة لإفادة معنى الحدوث، وأعني بذلك أنها تفيد أن الحُسْنَ في المثال المذكور ثابت لوجه الرجل، وليس بحادث متجدد وهذا بخلاف اسمي الفاعل والمفعول، فإنهما يفيدان الحدوث والتجدد ألا ترى أنك تقول: مررت برجل ضارب عمرا، فتجد ضاربا مفيدا لحدوث الضرب وتجدده، وكذلك مررت برجل مضروب. وإنما سميت هذه الصفة مشبهة؛ لأنها كان أصلها أنها لا تنصب لكونها مأخوذة من فعل قاصر؛ لكونها لم يقصد بها الحدوث، فهي مباينة للفعل تؤنث وتثنى وتجمع، فتقول: حَسَنٌ، وحَسَنَةٌ، وحَسَنَانِ وحَسَنَتَانِ، وحَسَنُونَ، وحَسَنَات، كما تقول في اسم الفاعل: ضارب وضاربة، وضاربان، وضاربتان، وضاربون، وضاربات. وهذا بخلاف اسم التفضيل كأعلم وأكثر، فإنه لا يثنى