للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عطية: "وقرأ بعض الصحابة - رضي الله عنهم - "فِرْغَاً" بالفاء المكسورة والراء الساكنة والغين المنقوطة، ومعناها ذاهبا هدرا تالفا من الهم والحزن، ومنه قول طليحة بن خويلد الأسدي في حِبَالٍ أخيه "من الطويل" (١):

فَإِنْ تَكُ أَذْوَادٌ أُصِبْنَ وَنِسْوَةٌ ... فَلَنْ يَذْهَبُوا فَرْغَاً بِقَتْلِ حِبَالِ" (٢).

(أَنِفَاً) (٣): قراءة في قوله تعالى: {مَاذَا قَالَ آنِفاً} (٤). [التاج: أنف].

ذكر الزبيدي أن (آنِفَاً) و (أَنِفَاً) على زنة (فَاعِل) و (فَعِل)، معناهما واحد، فقال: " قَالَ آنِفاً وسَالِفاً، كصاحِب، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، أَنِفاً، مِثْل كَتِف، وهذه عن ابن الأَعْرَابِيِّ، وقُرِئ بهما قولُه تعالى: "مَاذَا قَالَ آنِفاً" و"أَنِفاً قال ابنُ الأعْرَابِيِّ: أَي مُذْ ساعَةٍ، وقال الزَّجَاجُ: أَي ماذا قالَ السَّاعَةَ أَي: في أَولِ وَقْتٍ يَقْرُبُ مِنّا".

وقال السمين: " قرأ البزيُّ عنه "أَنِفاً" بالقصرِ. والباقون بالمدِّ، وهما لغتان بمعنىً واحدٍ، وهما اسما فاعِل كـ حاذِر وحَذِر، وآسِن وأَسِن، إلاَّ أنَّه لم يُسْتعمل لهما فِعْلٌ مجردٌ، بل المستعملُ ائْتَنَفَ يَأْتَنِفُ، واسْتَأْنف يَسْتأنف. والائْتِنافُ والاسْتِئْناف: الابتداء. قال الزجَّاج: "هو مِنْ اسْتَأْنَفْتُ الشيءَ إذا ابتدَأْتَه أي: ماذا قال في أولِ وقتٍ يَقْرُب مِنَّا" (٥).

(نَاخِرَةٌ) (٦): قراءة في قوله تعالى: {أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً} (٧).

قال الزبيدي: "النَّخِرُ ككَتِف والناخِر: البالي المُتَفَتِّت. يقال: عَظْمٌ نَخِرٌ وناخِرٌ، وقد نَخِرَ كفَرِح، وكذلك الخَشَبة، وقد نَخِرَت إذا بَلِيَتْ واسْتَرْخَت تَتَفَتَّت إذا مُسَّتْ. أو النَّخِرَةُ من العِظام: البالِيَة والناخِرةُ: التي فيها بَقِيَّة. وقيل: هي المُجَوَّفة التي فيها ثُقْبَةٌ يجيءُ منها عندَ هُبوب الرِّيح صوتٌ كالنَّخير. وقولُه


(١) انظر: مجمع الأمثال للميداني: ٢٩٤، والبحر المحيط: ٩/ ٦، والمحرر الوجيز: ٥/ ١٨٥.
(٢) المحرر الوجيز: ١/ ١٦٤.
(٣) هي قراءة ابن كثير والبزي والداني وابن محيصن، انظر: السبعة: ٦٠٠، وإبراز المعاني: ٢/ ٤١٧، والبحر المحيط: ١٠/ ٧٢، ومعجم القراءات لمختار: ٤/ ٤٢٨.
(٤) محمد: ١٦.
(٥) الدر المصون: ١٣/ ١٢٠.
(٦) قراءة حمزة والكسائي وعاصم ويعقوب وشعبة وخلف ورويس وأبي والأعمش وابن عباس وعمر، انظر: السبعة لابن مجاهد:٦٧٠، ومعالم التنزيل للبغوي: ٨/ ٣٢٧، ومفاتيح الغيب للرازي: ٣١/ ٣٣، والتحرير والتنوير: ٢٧/ ٣٨٧، والنشر: ١/ ٣٧٣.
(٧) النازعات: ١١.

<<  <   >  >>