للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَمْعَ أَفْعَل عند سِيبوَيْهِ، وقال الكسائيُّ: ما كانَ جمعُ فِعالٍ وفَعُولٍ وفَعِيلٍ على فُعُلٍ مُثَقَّلٍ. [التاج: غلف].

ولكن الطبري يرى أن (غُلْفاً) المخففة مفردها "أَغْلَف" وليس (غلاف) كما ذكره الزبيدي، أما جمع (غلاف) فهو "غُلُفٌ" المثقلة. يقول: " و"الغُلْفُ" - على قراءة هؤلاء - جمع "أَغْلَفٍ" وهو الذي في غلاف وغطاء، كما يقال للرجل الذي لم يُخْتَتَنْ "أَغْلَف"، والمرأة "غَلْفَاء". وكما يقال للسيف إذا كان في غلافه: سيف "أَغْلَف"، وقوس"غَلْفَاء" وجمعها "غُلْفٌ"، وكذلك جمع ما كان من النعوت ذكره على "أَفْعَل" وأنثاه على"فَعْلَاء"، يجمع على"فُعْل" مضمومة الأول ساكنة الثاني، مثل: "أَحْمَر وحُمْر وأَصْفَر وصُفْر"، فيكون ذلك جماعا للتأنيث والتذكير. ولا يجوز تثقيل عين"فُعْلٍ" منه إلا في ضرورة شعر، كما قال طرفة بن العبد (١):

أَيُّهَا الْفِتْيَانُ فِي مَجْلِسِنَا ... جَرِّدُوا مِنْهَا وِرَادَاً وَشُقُر

يريد: شُقْرًا، إلا أن الشعر اضطره إلى تحريك ثانيه فحركه.

وأما الذين قرؤوها "غُلُفٌ" بتحريك اللام وضمها، فإنهم تأولوها أنهم قالوا: قلوبنا غُلُفٌ للعلم، بمعنى أنها أوعية. قال: و"الغُلُفُ" على تأويل هؤلاء جمع "غِلَافٍ". كما يجمع الكِتَابُ كُتُب، والحِجَابُ حُجُب، والشِهَابُ شُهُب. فمعنى الكلام على تأويل قراءة من قرأ "غُلُفٌ" بتحريك اللام وضمها، وقالت اليهود: قلوبنا غُلُفٌ للعلم وأَوْعِيَةٌ لَهُ ولغيره" (٢).

وقال السمين: " قرأ الجمهورُ: "غُلْفٌ" بسكون اللام، وفيها وجهان:

أحدهما: - وهو الأظهرُ - أن يكونَ جمع "أَغْلَف" كأحمر وحُمْر وأصفر وصُفْر، والمعنى على هذا: أنها خُلِقَتْ وجُبِلت مُغَشَّاةً لا يَصِلُ إليها الحقُّ استعارةً من الأغلف الذي لم يُخْتَتَنْ.

والثاني: أن يكونَ جمعَ "غِلاف ويكونُ أصلُ اللامِ الضمَّ فخُفِّفَ نحو: حِمار وحُمُر وكتاب وكُتُب، إلاَّ أنَّ تخفيفَ فُعُل إنما يكون في المفرد غالباً نحو عُنْق في عُنْق، وأمَّا فُعُل الجمع فقال ابن عطية: "لا يجوز تخفيفُه إلا في ضرورةٍ" (٣)، وليس كذلك، بل هو قليل، وقد نصّ غيرُه على جوازه، وقرأ ابن


(١) هذا البيت ذكره البغدادي في الخزانة: ٣/ ٣٨٦، في أبيات، وقبله: (فترى الحيَّ إذا ما فَزِعوا ... ودعا الداعي وقد لَجَّ الذُّعُر) وبعده (أعوَجيات طوالا شُزَّبا ... دورِكَ الصنعةُ فيها والضُّمُر)، والجليس الصالح: ١/ ٥، وشرح أدب الكاتب: ١/ ٨٢.
(٢) جامع البيان: ٢/ ٣٢٤ – ٣٢٧.
(٣) المحرر الوجيز: ١/ ١٧٧.

<<  <   >  >>