للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(نُصُب): من قوله تعالى: "كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ" (١). [التاج: نصب].

ذكر الزبيدي أنه قرئ: "نُصُب" (٢)، و"نُصْب" (٣)، و"نَصَب" (٤)، و"نَصْب" (٥) وكلها بمعان متقاربة وهو الشيء المنصوب الذي يقصد لعبادة أو غيرها.

وقد جمع السمين ما تفرق في تفسير هذه القراءات فقال: "العامَّةُ على "نَصْبٍ" بالفتح والإِسكان، وابنُ عامر وحفصٌ "نُصُب"بضمتين، وأبو عمران الجوني ومجاهد "نَصَب" بفتحتَيْن، والحسنُ وقتادةُ "نُصْب"بضمةٍ وسكون.

فالأُولى: هو اسمٌ مفردٌ بمعنى العَلَم المنصوبِ الذي يُسْرِع إليها عند وقوعِ الصيدِ فيها مخافةَ انفلاتِه. وأمَّا الثانيةُ فتحتمل ثلاثَة أوجهٍ:

أحدها: أنه اسمٌ مفردٌ بمعنى الصَّنَمِ المنصوبِ للعبادة، وأنشد للأعشى:

وذا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَعْبُدَنَّه ... لعاقبةٍ واللَّهَ ربَّك فاعْبُدَا (٦)

الثاني: أنه جمعُ (نِصَابٍ) ككُتُب في كِتَاب.

الثالث: أنه جمعُ (نَصْبٍ) نحو: رَهْن في رُهُن، وسَقْف في سُقُف، وهذا قولُ أبي الحسن. وجَمْعُ الجمعِ (أَنْصاب).

وأمَّا الثالثةُ: فَـ (فَعَل) بمعنى مَفْعُول، أي: نَصَب بمعنى مَنْصُوب كالقَبَضِ والنَّقَضِ.

والرابعةُ: تخفيفٌ من الثانية" (٧).

والسمين ينص هنا على أن "نُصُب" بضمتين أصل، و"نُصْب" ساكنة الصاد فرع عنة نتيجة تخفيف الضم إلى سكون. والدارس يرى أن قراءة "نُصُب" بضمتين هي الأصل وباقي القراءات صور لتخفيفها، حيث خُفِّفَتِ الضمتان بشكلين: أحدهما تخفيفها إلى فتحتين فكانت قراءة "نَصَب"، والثانيها بتسكين


(١) المعارج: ٤٣.
(٢) قراءة ابن عامر وحفص، انظر: التيسير لأبي عمرو: ١٣٦.
(٣) قراءة الحسن وقتادة، انظر الدر المصون: ١٤/ ٩٩.
(٤) قراءة الحسن وأبي عمران الجوني ومجاهد، انظر: الإتحاف الدمياطي:٧٥١.
(٥) قراءة الجمهور، انظر: التيسير لأبي عمرو: ١٣٦.
(٦) ديوان الأعشى ميمون بن قيس ص: ١٣٥.
(٧) الدر المصون: ١٤/ ٩٩.

<<  <   >  >>