للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندَهُ يَرتفِعُ عنه وعن المُدْغَمِ ارتِفاعَةً واحِدَةً، صار بمنزلَةِ حَرْفٍ مُتَحرِّكٍ، فكأنَّ السّاكِنَ الأَوَّلَ قد وَلِيَ مُتَحَرِّكاً فلا يَجوزُ إنكارُه) (١).

ويؤيده الدمياطي فيقول: "وطَعْنُ الزَّجَّاجِ، وأَبي عليٍّ في هذه القراءة من حيثُ الجمعُ بين السَّاكِنينِ مَردودٌ بأَنَّها مُتواتِرَةٌ والجَمْعُ بينَهُما في مثلِ ذلكَ سائغٌ جائزٌ مَسموعٌ في مثلِه" (٢).

وأما الذين لا يرون الجمع بين الساكنين فيتأولونها بـ" الرَّومِ "، وقد بسط الزبيدي هذه الرؤية متمثلة في قوله الذي أنكر فيه على القراء الذين جمعوا بين الساكنين، ورأى أن شواهدهم التي جاءت في الشعر محمولة على "الرَّوْمُ" أو "الاخْتِلاس"، بحيث يظن السامع أن المتحدث قد جمع بين الساكنين؛ لعدم ظهور الحركة؛ لذهاب الناطق بها مذهب "الرَّوْم" أو "الإِشْمَام" فقال: "قال الجوهري (٣): و" الرَّوْمُ" الذي ذكره سيبويه: حَرَكَةٌ مُخْتَلَسَةٌ مُخَْفاةٌ بِضَرْبٍ مِنَ التَّخْفِيفِ، وهي أكثر من "الإشمام"؛ لأنها تُسْمَعُ وهي بِزِنَةِ الحركة وإن كانت مُخْتَلَسَةً مثل همزة بَيْنَ بَيْنَ كما قال (٤):

أَأَنْ زُمَّ أَجْمَالٌ وَفَارَقَ جِيرَةٌ وَصَاحَ غُرَابُ الْبَيْنِ أَنْتَ حَزِينُ

قوله: " أأن زم" تقطيعه: فَعُولُن، ولا يجوز تسكين العين، وكذلك قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ} (٥) فيمن أخفى، إنما هو بحركة مختلسة، ولا يجوز أن تكون الراء الأولى ساكنة؛ لأن الهاء قبلها ساكن، فيؤدي إلى الجمع بين الساكنين في الوصل من غير أن يكون قبلها حرف لين، قال: وهذا غير موجود في شيء


(١) النشر: ٢/ ٢٣٧، وانظر: معجم القراءات للخطيب: ٥/ ٣٠٩ – ٣١١.
(٢) الإتحاف: ٣٧٣.
(٣) انظر الصحاح: (روم). وينتهي كلام الجوهري في هذا الموضع في الصحاح ببيت الشعر، أما بقية العبارة والتي يتضح من سياقها أن الزبيدي ساقها على لسان الجوهري ليست موجودة عنده، ويبدو أنها لشخص آخر.
(٤) هو في العقد الفريد لكثير عزة، وقبله: (أبائنة سُعدى نعم ستَبِين ... كما انبت من حَبل القَرين قرينُ) وبعده: (كأنك لم تَسمع ولم تَر َقبلها ... تفرُّق أُلاف لهنّ حَنِين): ٢/ ٢٦٢، وانظر أيضا: الأغاني: ٢/ ٢٦٢، والجليس الصالح: ١/ ٣٤٠، وسمط اللآلي: ١/ ١١١، ومنتهى الطلب: ١/ ١/١٤٥.
(٥) البقرة: ١٥٨. إدغام راء رمضان قراءة أبي عمر، ويعقوب (الإتحاف: ٢٨٢).

<<  <   >  >>