٤ - القراءة الهادئة الحزينة: علينا ونحن نرتل القرآن أن نعطي الحروف والغنات والمدود حقها حتى يتيسر لنا معايشة الآيات وتدبرها والتأثر بها، وعلينا كذلك أن نقرأ القرآن بصوت حزين لإستجلاب التأثر.
٥ - الفهم الإجمالي للآيات: من خلال إعمال العقل في تفهم الخطاب، وهذا يستلزم منا التركيز التام مع القراءة، وليس معنى إعمال العقل في تفهم الخطاب أن نقف عند كل كلمة ونتكلف في معرفة معناها وما ورائها، بل يكفى المعنى الإجمالي الذي تدل عليه الآية أو الآيات حتى يتسنى لنا الإسترسال في القراءة، ومن ثم التصاعد التدريجي لحركة المشاعر فتصل إلى التأثر والإنفعال في أسرع وقت.
٦ - الإجتهاد في التعامل مع القرآن: كأنه أنزل عليك، وكأنك المخاطب به، والإجتهاد كذلك في التفاعل مع هذا الخطاب من خلال الرد على الأسئلة التي تتضمنتها الآيات، والتأمين عند مواضع الدعاء، ...... وهكذا.
٧ - تكرار وترديد الآية أو الآيات التي حدث معها تجاوب وتأثر قلبي:
حتى يتسنى للقلب الإستزادة من النور الذي يدخل، والإيمان الذي ينشأ في هذه اللحظات.
٨ - لا بأس من وجود تفسير مختصر بجوارنا: لجلاء شبهة أو معرفة معنى شق علينا فهمه، وإن كان من الأفضل الرجوع إليه بعد إنتهاء القراءة حتى لا نخرج من جو القرآن والإنفعالات الوجدانية التي نعيش في رحابها، إلا إذا ألحت علينا كلمة نريد معرفة معناها في التو واللحظة.
- رابعا: قيام الليل:
قيام الليل من الوسائل المهمة في إحياء القلب، يقول صلى الله عليه وسلم:
((عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد)) إن التعرض لنفحات الليل واقتسام الغنيمة مع المجتهدين لمن أعظم وسائل غرس الإيمان في القلب ... ولقد افترض الله قيام الليل على رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام قبل أن تنزل الفرائض، وقبل أن تشرع الحدود، بل قبل أن تفرض الصلوات الخمس، لأن الإنسان إذا خلا بربه واتصل قلبه به في جنح الليل طهر القلب ونزلت عليه الفوائد.
إن هذه الوسيلة العظيمة التي تجمع بين تدبر القرآن وما فيه من كنوز وبين الركوع والسجود، وما فيها من معاني الذل والخضوع والإنكسار للمولى سبحانه وتعالى لمن أهم وسائل التقرب إلى الله عز وجل. فلا ينبغي أن تفوتنا ليلة دون قيام مهما كانت الظروف، والأفضل بجانب أدائنا لصلاة التراويح أن نستيقظ قبل طلوع الفجر بوقت كاف للتهجد والإستغفار، لتذوق طعم الحياة الحقيقية باستنشاق نسيم الأسحار ونحن نناجى الرحمن.
قال بعض الصالحين: ليس في الدنيا وقت يشبه نعيم أهل الجنة إلا ما يجده أهل التملق في قلوبهم بالليل من حلاوة المناجاة. وقال إقبال: كن مع من شئت في العلم والحكمة، ولكنك لا ترجع بطائل حتى تكون لك أنة في السحر .. إنه - رحمة الله - يريد أن يقول:
كن داعياً ناجحاً .. كن خطيباً مفوهاً .. كن محاضراً فذاً، كن كما تريد ولكنك لن تفيد نفسك إلا إذا كانت لك وقفة مع الله في السحر تخلع فيها ثياب الشهرة والعزة، وتنزع فيها الألقاب الزائفة وتعيش حال العبد الخائف من غضب مولاه الطامع في رحمته.
فجهز مطالبك، وحدد أهدافك وكن خفيف النوم تنتظر دقات الساعة للخلوة بالحبيب ....
من فقه قيام الليل:
عندما يمن الله علينا بالإستيقاظ قبل الفجر بوقت كاف، علينا ألا نطيل القيام والقراءة فقط بل نطيل الركوع والسجود أيضا.
فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد .. ففي السجود يتم إخراج معاني الذل والإنكسار وإظهار الفقر والمسكنة لمن بيده ملكوت السماوات والأرض.