شاب نحيل الجسم كثير الحياء قليل الكلام، همه الإسلام، وأين مواطن العمل لهذا الدين؟ إن رأيته فهو على عجلة من أمره يلقي لك ما لديه ثم ينصرف! هذا الشاب لم يتجاوز عمره السابعة والعشرين ومع هذا خدم وقدم للإسلام الكثير .. ترى له في كل عمل لبنة يضعها، أو رأيًا يسديه، أو دعاء يزجيه!
كل هذا المعلومات يعرفها المقربون منه ومن يعملون معه. لكني سألت يومًا من سافر معه، عن رحلتهم الدعوية، وكيف أمورهم وهل واجهوا مشقة أم لا؟ فأجاب صاحبنا بالنفي وحمد الله على تيسيره. فلما سألته عن فلان الشاب النحيل هذا، تعجب من أمر لم أكن أعرفه من قبل. فقد تحدث عن معرفة وصحبة في ليال طويلة فيها التعب، والإرهاق، والمشقة، والعنت، ومع هذا أثنى عليه بأمر تهفو له النفوس، وتتطلع له القلوب، قال: إنه صاحب قيام ليل طويل! سكت وظننت به خيرًا، فغالب الشباب الذين يعملون في حقل الدعوة لهم ورد يومي قل أو كثر. لكني تعجبت عندما قال لي: إن هذا الشاب النحيل يقوم الليلة الواحدة بخمسة أجزاء من القرآن! وما رأيته نقص طوال رحلتنا عن ذلك! خاصة في أيام نواجه فيها التعب والنصب والإرهاق.
لقد كبر الشاب في عيني وكلما رأيته بعد هذه المعلومة خطرت في بالي آية من كتاب الله عز وجل:{وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا}