كانت الجامعة بداية انطلاقة أعمال النوافل لديها، وكان المصلى محضنًا طيبًا لبث روح المسابقة إلى الله عز وجل. وكانت المحاضرات التي تلقى نبراس خير ودلالة.
سمعت بفضل صيام التطوع، وسرها سماع حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من عبد يصوم يومًا، في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا»[متفق عليه]، فكانت بعد هذا الحديث من المسارعات إلى الصيام بكثرة، فأحيانًا تصوم يومًا وتفطر يومًا، وفي كل شهر تصوم أيام البيض، ويومي الاثنين والخميس من كل أسبوع.
وكانت أول مشكلة واجهتها تناول غداء الطعام مع أهلها، فاعتذرت بتأخرها وانتظارهم لها، وقالت: لا تنتظروا، وتناولوا الطعام، وإذا أتيت من الدراسة أنام حتى العصر، وبعد العصر أتناول الغداء. فكان لها ذلك، فإذا أذن المؤذن لصلاة العصر وأدت الصلاة دلفت إلى المطبخ، فلا يكون فيه أحد، فتغير مواضع الطعام وتغسل بعض الأطباق حتى يظن أنها تناولت غداءها. وهكذا استمرت بها الحال شهورًا طويلة، وإن رأتها والدتها يومًا أسرت لها بأنها صائمة، حتى لا تغضب من عدم الأكل.
وهكذا تطوى صحيفتها يومًا بعد يوم، وشهرًا بعد شهر، وسنة بعد سنة، «ومن عمل صالحًا فلنفسه».!