إيجابًا، والتأثير في الأمة بما تمتلكه من سلطة تستند إلى موقعها التاريخي والاجتماعي، وباعتبارها قدوة ومرجعية للأمة كلها، ولذلك فإن استجابة طبقة القادة للمتغيرات ينعكس على الأمة ويُعديها.
لم يكن في إمكان القادة أن يحرّكوا الجماعة للفكرة الحضارية ما لم يمتلكوا اليقين بها في ذواتهم أولاً، ويتمثلوها في سلوكهم ثانيًا، ويقدموا في سبيلها التضحيات ثالثًا. وهم بذلك يهيّئون للفكرة أن تقدم نفسها حية مشخَّصة تبلغ أعلى درجات اليقين؛ أي "عين اليقين". ولأن السلوك يُعدي، فقد استطاعت الفكرة بالاعتماد على المحاكاة الفطرية أن تتغلغل في النفوس وتبلغ أسمى طاقات التحريك، وتثير حماسة الجمهور للبذل والتضحية .. بهذه الطاقة عينها يستطيع القادة أن يسقطوا الفكرة ويغتالوا الإيقان المستقرّ في النفوس بما يصدر عنهم من أفعال أو ردود أفعال، ولهذا فقد نصح مكيافلي القادة بالتظاهر بالتدين والفضيلة حتى إن كانوا على غير ذلك في حقيقتهم (١).
في سبيل متابعة التطورات العميقة التي تطرأ على شرائح الأمة المختلفة؛ أفرادًا وجماعة، سنلجأ إلى عملية تفكيك للعناصر، وتشريح للعلاقات الداخلية بينها، ورصد أدوار كل فئةٍ وعنصرٍ على وجه الإجمال من خلال المحاور الآتية:
- في مرحلة النبع تتّحد القيادة الفكرية بالقيادة السياسية، أو تتحد معها، لتقود عامة الأمة، وتكون قدوة لها في الحركة والتغيير