تطفو على السطح مشكلات التعارض بين المصالح والقيم، والذات والجماعة، ونسبية الولاءات، وتحسم المساومات غالبًا لصالح ما هو مضمون ومادي ملموس وسريع الأثر .. والخاسر الأكيد هو الفكرة.
لا تتسبب الوفرة في تعزيز سلطة المصالح أو الدافع النفعي فحسب، بل تتسبب في فترة لاحقة في تغيير الخصائص النفسية والاجتماعية للأمة، وتحوّلها من الفعالية والاندفاع والتنافس في الفكرة إلى التنافس في المصلحة، ومن ثم تهوي بها إلى شره اللذة والعطالة، والتواكل على إنجازات الحقب الماضية والاكتفاء بالحركة الآلية الناجمة عن الدفع الذاتي لها، إلى أن تتخامد طاقتها أخيرًا .. وفي جو مشحون بالضعف وعدم الثقة والفساد الأخلاقي، تميل السلطات الثلاث: القوة، والمال، والمعرفة، إلى التصادم بعد أن عرفت التكامل في مرحلة الذروة، ويسود منطق القوة، ويشيع الظلم، ولا يجدي الجهد، وتأنس الأمة بالإحباط وعدم المبالاة. وبذلك تتعطل صمامات المحرّك الذي كان يمدّ الحضارة بالطاقة على المستويات كلها، وتتآكل شيئًا فشيئًا حتى تذوي ..
[٢ - بين انحلال القدوة واستكانة الأمة]
كغيرها من مكونات الظاهرة الحضارية، تتأثر طبقة القادة (الفكرية أو السياسية) بالظروف المتغيرة وما تحمله معها من مؤثرات تنتحي بالذات (الفردية أو الحضارية) عن أصالتها، بيد أن الخطورة ههنا أن طبقة القادة تستطيع توجيه المتغيرات وتكريسها؛ سلبًا أو