يتمنى أن يرجع إلى الدنيا ليس مرة واحدة أو مرتين وإنما هي عشر مرات (وهذا فيه إرغام لمن قال أن الجهاد محرقة مع أن الله يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} قال ابن كثير رحمه الله: ثم فسر هذه التجارة العظيمة التي لا تبور، والتي هي محصلة للمقصود ومزيلة للمحذور فقال:{تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي: من تجارة الدنيا، والكد لها والتصدي لها وحدها.
ثم قال:{يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} أي: إن فعلتم ما أمرتكم به ودللتكم عليه، غفرت لكم الزلات، وأدخلتكم الجنات، والمساكن الطيبات، والدرجات العاليات؛ ولهذا
والنبي صل الله عليه وسلم يقول ((ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا، فيقتل عشر مرات؛ لما يرى من الكرامة)) ... وهذا ليس شأن المحترق فا لمحترق لايتمنى أن يحرق مرة أخرى بل يتمنى العافية وما هذه المقولة إلا تحريف للكلم عن مواضعه وقول على الله بغير علم وكيد للدين وأهله وحرمانهم من الفضائل العظيمة وهو من باب قطع الطريق وسرقة الزاد وإعانة للصوص الجن والإنس على المسلم فلا زاد إلا زاد الآخرة ولا نجاة إلا نجاتها وهو من الصد عن سبيل الله وهذه وظيفة ابن أبي وحزبه من تثبيط المؤمنين عن القتال في سبيل الله وتخذيلهم والإرجاف بينهم ونعوذ بالله من الخذلان والبعد عن الرحمن).