ولكنه في المقابل عندما تقول له: إن هذا العالم ترك الجهاد والرباط والإعداد ... ، فهو يتذمر ويتسخط!، كيف تقول له هذا الكلام عن هذا العالم؟ ومن أنت حتى تحكم بهذا الحكم، ويجعلها قضية من أخطر القضايا!.
[كلمة ثقيلة على النفوس]
(إن كثير من العلماء والمشايخ في هذا العصر حُرموا من نعمة الجهاد والرباط والإعداد والهجرة مع أن نفعها متعدي غير قاصر وفضلها لايعدله شيء ولا تتعارض مع نشر العلم والجمع بين الميزتين والفضيلتين)، وفي الحقيقة أننا لم نحرمهم بل هم الذين حرموا أنفسهم من هذا الخير العظيم والفضل الكبير، عن أبي حصين عثمان بن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال دلني على عمل يعدل الجهاد قال لا أجده قال هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر قال ومن يستطيع ذلك قال أبو هريرة إن فرس المجاهد ليستن في طوله فتكتب له حسناتٍ كذا أخرجه البخاري من حديث أبي حصين وأخرجه مسلم من حديث أبي معاوية.
قال الإمام أحمد ابن حنبل - رحمه الله- (الجهاد والرباط لا يعدله شيء) ا. هـ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: (وكذلك اتفق العلماء - فيما أعلم - على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد. فهو أفضل من الحج وأفضل من صوم التطوع وأفضل من صلاة التطوع. والمرابطة في سبيل الله أفضل من المجاورة بمكة والمدينة وبيت المقدس حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر عند الحجر الأسود) ا. هـ.
فنرى كثيرا من أهل العلم يذهب كل سنة إلى الحج وإلى العمرة مرات كثيرة في السنة، ولا يفوِّت صيام يوم عاشوراء ولا عرفة ولا غيرها من الأيام التي يُستحب فيها الصيام، ولكنه في عبادة الجهاد وهي أفضل من هذا كله لا يحرص عليها، فتمر عليه السنون تلو السنون ولا يغزو ولا يجاهد في عمره ولو مرة واحدة!.