للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حجته، ومن تعلم الحساب جزل رأيه، ومن تعلم العربية رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.

وأول تلك العلوم وأسماها منزلة وأشرفها قدراً وأنبلها هدفاً كتاب الله عز وجل الذي فيه الآيات المحكمات والسور المنزلات. فهو النور وهو الشفاء وهو الحكمة.

قال ابن مسعود: إذا أردتم العلم فانثروا القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية مؤكداً على ذلك وحاثاً عليه: وأما طلب حفظ القرآن فهو مقدم على كثير مما تسميه الناس علماً، وهو إما باطل أو قليل النفع. وهو أيضاً مقدم في التعلم في حق من يريد أن يتعلم علم الدين من الأصول والفروع، فإن المشروع في حق مثل هذا في هذه الأوقات أن يبدأ بحفظ القرآن، فإنه أصل علوم الدين، بخلاف ما يفعله كثير من أهل البدع من الأعاجم وغيرهم، حيث يشتغل أحدهم بشيء من فضول العلم، من الكلام أو الجدال، والخلاف أو الفروع النادرة والتقليد الذي لا يحتاج إليه، أو غرائب الحديث التي لا تثبت ولا ينتفع بها، وكثير من الرياضيات التي لا تقوم بها حجة، ويترك حفظ القرآن الذي هو أهم من ذلك كله (٢).

قال محمد بن الفضل: سمعت جدي يقول: استأذنت أبي في

الخروج إلى قتيبة، فقال: اقرأ القرآن أولاً حتى آذن لك، فاستظهرت


(١) الإحياء ١/ ٣٢٣.
(٢) الفتاوى الكبرى ٢/ ٢٣٥.

<<  <   >  >>