- صلى الله عليه وسلم -، لكني أريد أن أربط نفسي على قطا نقلة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولقد بلغ من إجلال الناس لأهل العلم، أن أولاد الخليفة كانوا يقدمون للعالم حذاءه إذا أراد الانصراف؛ فقد كان الفراء يعلم ويؤدب ولدي الخليفة المأمون، فلما كان ذات يوم قام الفراء لينصرف، فاستبق ولدا الخليفة إلى نعليه، كل منهما يريد أن يقدمها له، فتنازعا أيهما يقدمها له، ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهم فردة، فقدماها. ووصل الخبر إلى الخليفة المأمون، فاستعدى الفراء، فلما دخل عليه قال له المأمون: من أعز الناس؟ فقال: ما أعرف أحداً أعز من أمير المؤمنين، فقال المأمون: بلى، من إذا نهض تقاتل ولياً عهد المسلمين على تقديم نعليه إليه، حتى رضي كل منهما أن يقدم فردة، فقال الفراء: لقد أردت منعهما من ذلك، فقال المأمون: لو منعتهما لغضبت عليك، ولقد زاد ما فعلاه من شرفهما عندي (١).
وهذا أسد بن الفرات رحمه الله أحد القادة الفاتحين رحل وهو في الثامنة عشرة من عمره إلى المدينة، وسمع كتاب الموطأ على الإمام مالك، ثم رحل إلى العراق ودرس عند محمد بن الحسن الشيباني
صاحب أبي حنيفة، ثم رحل إلى مصر، ثم رجع إلى بلدة القيروان وتولى منصب القضاء، وفي عام ٢١٢ هـ ولاه الأمير قيادة الجيش
الإسلامي المتوجه لغزو صقلية، فلما خرج الجيش خرج الناس
يودعونه في موكب عظيم، فلما رأى أسد بن الفرات الناس أمامه
وخلفه يودعونه خطبهم فحمد الله ثم قال: يا معشر الناس! لا