هذه هي بعض صفات العلماء فقل لي بربك: كم شخصاً في هذا الزمان يستحق أن يلقب بالعالم؟ وإذا أردت أن تعرف من هم العلماء؟ فاستمع إلى الشعبي رحمه الله وهو يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء قط إلا حفظته، وما سمعت من رجل حديثاً فأردت أن يعيده علي، وإني الآن لكأني أنظر إلى أكثر من سبعين ألف حديث في كتابي (١).
هؤلاء حقاً هم العلماء وهم الحفاظ! ثم تأمل قلة عدد العلماء من بين سائر أفراد الأمة ثم هؤلاء العلماء، ما أقل العاملين فيهم بعلمهم الذين يرى عليهم!
استمع إلى مكانة أهل العلم في قلوب الناس يحدثك عنها الإمام أبو هلال العسكري فيقول: إذا كنت أخي ترغب في سمو القدر ونباهة الذكر، وارتفاع المنزلة بين الخلق، وتلتمس عزاً لا تثلمه الأيام والليالي، وإذا كنت تلتمس هيبة من غير سلطان، وغنى من غير مال، ومنعة بغير سلاح، وعلاء من غير عشيرة، وأعواناً بغير أجر، وجنداً بلا ديوان وفرض «أي راتب» فعليك بالعلم، فاطلبه في مظانه تأتيك المنافع عفواً، وتلق ما يعتمد منها صفواً، واجتهد في تحصيله ليالي قلائل، ثم تذوق حلاوة الكرامة مدة عمرك.
واستمع إلى هذه القصة العجيبة التي تروى عن الوزير نظام الملك، فقد كان يملي الحديث على الناس في الري مع كونه وزيراً، فلما فرغ قال: إني أعلم أني لست أهلاً لما أقوم به من إملاء حديث رسول الله