للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن الجوزي موصياً ابنه وحاضاً له على الاشتغال بالعلم: واعلم أن العلم يرفع الأرذال، فقد كان خلق كثير من العلماء لا نسب لهم يذكر ولا صورة تستحسن.

وكان عطاء بن أبي رباح أسود اللون، مستوحش الخلقة، وجاء إليه سليمان بن عبد الملك وهو خليفة ومعه ولداه؛ فجلسوا يسألونه عن المناسك، فحدثهم وهو معرض عنهم بوجهه، فقال الخليفة لولديه: قوما ولا تنيا ولا تكسلا في طلب العلم فما أنسى ذلنا بين يدي هذا العبد الأسود.

وكان الحسن مولى، وابن سيرين ومكحول وخلق كثير، وإنما شرفوا بالعلم والتقوى (١).

وقال أحمد بن النصر الهلالي: سمعت أبي يقول: كنت في مجلس سفيان بن عيينة فنظر إلى صبي دخل المسجد، فكان أهل المجلس تهاونوا به لصغر سنه، فقال سفيان: {كُنْتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ} ثم قال: يا نضر! لو رأيتني ولي عشر سنين، طولي خمسة أشبار، ووهي كالدينار، وأنا كشعلة نار، ثيابي صغار، وأكمامي قصار، وذيلي بمقدار، ونعلي كآذان الفأر، اختلفت إلى علماء الأمصار مثل الزهري وعمرو بن دينار، أجلس بينهم كالمسمار، محبرتي كالجوزة، ومقلتي كالموزة، وقلمي كاللوزة، فإذا دخلت المجلس قالوا: أوسعوا للشيخ الصغير. قال: ثم تبسم ابن عيينة


(١) لفتة الكبد في نصيحة الولد لابن الجوزي ص ٤٦.

<<  <   >  >>