للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه، وأنا أعينك بمغزلي هذا وإلا فاتركه، فإني أخشى أن يكون وبالاً عليك يوم القيامة (١).

وهذا الإمام البخاري صاحب الصحيح جمع الله له قلباً واعياً وذهناًَ حافظاً، فاجتمع له أطراف العلم وهو لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره، فقد حدث في بداية طلبه أن العلامة الداخلي، الذي كان من كبار المحدثين في بخارى في ذلك العصر، وكانت له حلقة رائعة مشهورة، كان يدرس ذات مرة حسب عادته، وكان البخاري يسمع، فقال الداخلي في إسناد حديث: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم.

فقال البخاري: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم، وكان يريد أن ينبهه على خطئه في هذا السند، ولكن الداخلي دهش لما سمع هذا الصوت وانتهره، فاعتذر له البخاري وقال له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك.

فدخل الداخلي وراجع الأصل، فاعترف بصحة قول البخاري، وانتبه لخطئه إلا أنه أجل تصحيح السند، وترك من باب الإنصاف أو بإرادة الاختبار تصحيحه إلى الإمام البخاري، فلما خرج قال له: كيف هو يا غلام؟ .

فأجاب البخاري مرتجلاً: هو هكذا:

الزبير (وهو ابن عدي) عن إبراهيم.

فأخذ القلم وأصلح كتابه، وقال: صدقت.

قال: فقال له إنسان: ابن كم حين رددت عليه؟


(١) صفة الصفوة ٣/ ١٨٩.

<<  <   >  >>