للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يكون أجرة لما ينسخه لهم من الكتب ـ فكتب لهم بالأجر، رحمه الله تعالى (١).

نعم هذه حال إمام أهل السنة، قدس الله روحه وأمطر عليه شآبيب رحمته.

وأما ما أصابه أيام المحنة مع صبره وثباته فهو عجيب يطيب سماعه.

لله يعلم ما قبلت سيرتهم ... يوماً فأخطأ دمع العين مجراه

أما بقي بن مخلد فقد قام برحلتين إلى الشام والحجاز؛ الأولى استغرقت أربعة عشر عاماً والثانية استمرت عشرين عاماً، وكلها كانت على الأقدام ماشياً كما صرح هو بذلك حيث قال: كل من رحلت إليه فماشياً على قدمي (٢).

وقال عبدان الجواليقي: رحلت إلى البصرة ثماني عشرة مرة من أجل حديث أيوب السختياني كلما ذكر لي حديث من أحاديثه يوجد فيها رحلت إليها لأسمعه.

وهذه الرحلة وهذا الصبر في طلب العلم لا يتم إلا كما أجاب الشعبي عندما سئل: من أين لك هذا العلم كله؟ قال: بنفي الاغتمام، والسير في البلاد، وصبر كصبر الحمام، وبكور كبكور الغراب (٣).

وصدق والله. إنما يقطع السفر بلزوم الجادة وسير الليل، فإذا حاد المسافر عن الطريق، ونام الليل كله، فمتى يصل إلى مقصده؟ ! (٤).


(١) البداية والنهاية ١٠/ ٣٢٩.
(٢) تذكرة الحفاظ ٢/ ٦٣١.
(٣) السير ٤/ ٣٠٠.
(٤) الفوائد ص ١٣١.

<<  <   >  >>