للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ببغداد أن أسمع من عبد الرزاق بصنعاء، ولا والله لا أغير نيتي أبداً، فلما قضينا حجنا ارتحلنا إلى صنعاء، ثم نفذت نفقة أحمد ونحن بصنعاء، فعرض عليه عبد الرزاق مالاً فرفضه، ولم يقبل مساعدة أحد، وكان يعمل التكك ويقتات من ثمنها (١).

عن أبان بن أبي عياش قال: قال لي أبو معشر الكوفي: خرجت من الكوفة إليك ـ إلى البصرة ـ في حديث بلغني عنك، قال: فحدثته به (٢). (والمسافة بين الكوفة والبصرة أكثر من ٣٥٠ كيلومتراً).

ورحل بقي بن مخلد من الأندلس إلى بغداد، على قدميه ماشياً، وقطع القفار والبحار والجبال وكان عمره آنذاك عشرين سنة، وكان مقصوده لقاء الإمام أحمد بن حنبل وسماع الحديث منه، ولما اقترب من بغداد جاءه خبر محنة لإمام أحمد في فتنة القول بخلق القرآن، وبلغه أن الإمام أحمد قد منع من التدريس وإقامة الحلقات، وأنه مقيم في بيته رهن الإقامة الجبرية، قال بقي: فاغتممت لذلك أشد الهم والاغتمام، ولكنه أصر على مواصلة رحلته، فلما وصل بغداد وضع متاعه

ثم ذهب إلى الجامع الكبير بها، ثم خرج باحثاً عن منزل أحمد، فدل عليه، فطرق الباب ففتح له أحمد، فقال له بقي: أنا رجل غريب الدار

وطالب حديث، وما كانت رحلتي إلا إليك، فقال: وأين بلدك؟ قلت: المغرب الأقصى، أجوز من بلدي البحر إلى إفريقية (أي

من الأندلس) فقال: إن موضعك لبعيد، ووددت مساعدتك ولكني في


(١) المنهج الأحمد في ترجمة الإمام أحمد ٩/ ٣٩٣.
(٢) الرحلة في طلب الحديث ص ١٤٨.

<<  <   >  >>