للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان أحمد بن حنبل يصلي بعبد الرزاق يوماً في صلاته فسأله عبد الرزاق عن سبب سهوه، فقال أحمد: ما ذقت طعاماً منذ ثلاثة أيام، وكانت هذه القصة في أثناء رحلة الإمام أحمد إلى اليمن لطلب العلم (١).

قال حجاج ابن الشاعر: جمعت لي أمي مائة رغيف فجعلتها في جراب، وانحدرت إلى شبابة بالمدائن، فأقمت ببابه مائة يوم، أغمس الرغيف في دجلة وآكله، فلما نفذت خرجت (٢).

وكان لمحمد بن سحنون جارية يقال لها أم مدام، فكان عندها يوماً وقد شغل بتأليف كتاب إلى الليل، فلما جاء الليل استمر في الانكباب على التأليف، فلما مضى جزء من الليل جاءت له بالطعام ووضعته عنده، فقال لها: أنا مشغول الساعة عن الطعام، واستمر في تأليفه، فلما طالت عليها المدة جعلت تلقمه الطعام بيدها، وهو منكب على كتبه يؤلف ويكتب، واستمر في الكتابة حتى أذن المؤذن لصلاة الفجر، فانتبه وقال لها: شغلنا عنك الليلة يا أم مدام، هات طعامك، فقالت: قد ألقمته كله لك يا سيدي، فقال لها والله ما شعرت بذلك (٣).

في زماننا هذا: أين نحن من هؤلاء؟

قال أبو المعالي الجويني مخبراً عن حاله وقت طلبه للعلم: أنا لا

أنام ولا أحدد أوقاتاً خاصة للأكل، وإنما أنام إذا غلبتني عيناي على


(١) طبقات الحنابلة ١/ ٩٧.
(٢) السير ١٢/ ٣٠٢، وطبقات الحنابلة ص ١٤٨.
(٣) ترتيب المدارك للقاضي عياض ٣/ ١١٤.

<<  <   >  >>