ورث يحيى بن معين ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم، فأنفقه كله على الحديث، حتى لم يبق له نعلٌ يلبسه! (١).
زاده الله شرفاً، ورحم أقداماً طالما تغبرت في سبيل الله.
وذكر ابن عساكر في كتابه «تبيين كذب المفتري» في ترجمة محمد بن الحسين النيسابوري: أنه كان يعلق دروسه ويطالع كتبه ويقرأها في ضوء القمر، لأنه كان فقيراً لا مال لديه ليشتري به دهناً ليوقد به السراج، ومع ذلك كان لا يأخذ من مال الشبهة شيئاً.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: فقر العلماء فقر اختيار، وفقر الجهلاء فقر اضطرار.
وإليك قصة أحد العلماء قال أبو عبيدة: ضاقت المعيشة على النضر بن شنيل البصري بالبصرة، فخرج يريد خراسان، فشيعه من أهل البصرة نحوٌ من ثلاثة آلاف رجل، ما فيهم إلا محدثٌ أو نحويٌ أو لغوي أو عروضي أو أخباري، فلما صار بالمربد ـ مربد البصرة ـ جلس وقال: يا أهل البصرة، يعز علي فراقكم والله لو وجدت كل يوم كيلجة باقلي ما فارقتكم، وسار حتى وصل إلى خراسان.
قال النضر: كنت أدخل على المأمون في سمره، فدخلت ذات ليلة وعلي ثوبٌ مرقع، فقال: يا نضر، ما هذا التقشف حتى تدخل على
أمير المؤمنين في هذه الخلقان؟ قلت: يا أمير المؤمنين، أنا شيخ
ضعيف، وحر مروٍ شديدٌ، فأتبرد بهذه الخلقان، قال لا، ولكنك