للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رجل متقشفٌ، ثم أجرينا الحديث، فأجرى هو ذكر النساء، فقال: حدثنا هشيم، عن مجالد، عن الشعبي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها؛ كان فيه سدادٌ من عورٍ»، فأورده بفتح السين (سداد من عور)، فقلت: صدق هشيم، حدثنا عوف بن أبي جميلة، عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تزوج الرجل المرأة لدينها وجمالها؛ كان فيها سدادٌ من عورٍ».

قال: وكان المأمون متكئاً، فاستوى جالساً، وقال: يا نضر، كيف قلت: سِدَاد؟ قلت: لأن السَّداد ههنا لحنٌ، قال: أو تلحنني؟ قلت: إنما لحن هشيم، وكان لحانة، فتبع أمير المؤمنين لفظه، قال: فما الفرق بينهما؟ قلت: السداد بالفتح: القصد في الدين والسبيل، والسداد بالكسر: البلغة، وكل ما سددت به شيئاً فهو سداد، قال: أو تعرف العرب ذلك؟ قلت: نعم، هذا العرجي يقول:

أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر

فقال المأمون: قبح الله من لا أدب له! وأطرق ملياً، ثم قال: ما لك يا نضر؟ قلت: أريضة بمرو أتصابها وأتمززها، قال: أفلا نفيدك مالاً معها؟ قلت: إني إلى ذلك لمحتاجٌ، فأخذ القرطاس، وأنا لا أدري ما

يكتب، ثم قال لخادمه: تبلغ معه إلى الفضل بن سهل، فلما قرأ

الفضل القرطاس؛ قال: يا نضر، إن أمير المؤمنين قد أمر لك

بخمسين ألف درهم، فما كان السبب فيه؟ فأخبرته، ولم أكذبه، فأمر

<<  <   >  >>